السلام عليكم ورحمة الله

نرحب بكم معنا في مدونة البصيرة الرسالية التي نحتفظ بنسخة من رسائلنا المرسلة على قروبنا (البصيرة الرسالية).

تنويه:-

1- من يرغب أن تصله رسائلنا على بريده ليشترك عبر هذا الرابط:

http://groups.google.com/group/albaseera/subscribe

وتأكيد اجراءات الاشتراك من الرابط.

2- لمشاهدة المواضيع السابقة تجدونها مفروزة على حسب أيام الإرسال وذلك من خيار: (أرشيف المدونة الإلكترونية) بالجانب الأيمن من الصفحة.

3- نظراً لطول بعض المواضيع هنا مما يجعل الصفحة طويلة للقارئ سنلجأ إلى وضع جزء من الموضوع وقراءتكم لباقي الموضوع في نهايته بالضغط على الزر الموجه في آخر الجزء المرفق.

ونأمل لكم الفائدة معنا..

1 سبتمبر 2009

مقال في شهر رمضان: ‏(اهتمامات المؤمن في شهر رمضان)‏ شاركوا في نشره معكم

اهتمامات المؤمن في شهر رمضان

http://albaseera.googlegroups.com/web/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF+%D8%AE%D8%B6%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%A7%D9%85%D9%8A.jpg?gda=cPJfZ5IAAAAVYvnXUtckTMGhWzr7slu3ZS4fZtoVt9q97wgvzT13cM_IB-cvcYfvE7gMYFaY1JZ2NqJeZ0qh_NB9okyih_eCFZHhuiBKoOQ769ycT2571Ed0DlgMcfbfnSgx8v-EhWIY4vifQP8XTIrYHz56Yv6l8GbcpxuLqkbLW2_-Jv25f1Xi7dpriIAjJhAipsb2do-CHqjxxwsG8_oKG53kozMh

مقال لسماحة السيد خضر العوامي


هدفية وجود الإنسان

إن من أهم الحقائق التي يجب أن يتنبه لها الإنسان أنه مخلوق لهدف، فهذه الحقيقة لها بالغ الأثر على كيان الإنسان ووجوده، إذ الإيمان بهذه الحقيقة هو الذي يضفي الأهمية والقيمة على وجود الإنسان، وبدونه فإنه لن يكون هناك أي قيمة أو أهمية لوجود الإنسان من رأس، وهذه الحقيقة إذا تنبه إليها الإنسان واستحكمت على ضميره، فإنها سوف تشع على مختلف جوانب الإنسان بالخير والبركة، فهي سوف تشرق على الفكر بنور المسؤولية، وعلى القلب بنور الإيمان، وعلى الجوارح بالعمل الصالح.

وبقدر ما يتحسس الإنسان هذه الحقيقة بقدر ما تشرق هذه الأنوار على فكره وقلبه وجوارحه وتنفذ إلى بصيرته في عمق وجوده، فعندها سوف ينزه فكره من اللامبالاة واللامسؤولية، وقلبه عن الكفر والفسوق، جوارحه عن الأفعال الفاسدة، والعكس صحيح أيضاً؛ فبقدر ما تغيب هذه الحقيقة عن ذهن الإنسان بقدر ما يكون فكره أقرب إلى الفكر اللامسؤول واللامنضبط، وقلبه إلى الأهواء والشهوات، وسلوكه إلى الفوضى والعبث والظلم.

إذاً الواجب على الإنسان أن يؤمن بهدفية وجوده لكي يكون وجودُه ذا أهمية وذا قيمة، ثم يبحث عن هذا الهدف في المقام الثاني، والهدف من خلق الإنسان واضح لدى الإنسان المؤمن لذلك فهو على هدى من ربه ويمشي على صراط مستقيم، يقول تعالى: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)([1]) ، إذاً خلقه الله -سبحانه وتعالى- الإنسان ليرحمه لا ليعذبه، ولكن السؤال كيف يمكن للإنسان بلوغ هذه الرحمة؟ والجواب عن طريق عبادة الله وحده لا شريك له، يقول تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)([2]).

شهر رمضان وبناء الشخصية

ومن رحمة الله الواسعة أن جعل للإنسان مواسم تذكره بهدف وجوده وتعيد رسم أولوياته واهتماماته، وشهر رمضان هو أحد تلك المواسم التي يكون فيها الإنسان على موعد لإعادة بناء شخصيته التي قد رسمها وهو بعيد غافل عن الله -سبحانه وتعالى-، وهو على موعد لإعادة النظر والتأمل في سلم أولوياته واهتماماته.

فهذا الشهر المبارك يدعو الإنسان ليسأل نفسه هل يا ترى أن اهتماماتي هي اهتمامات حقيقية؟ أم أنها لا تعدو أن تكون مجموعة من الأمور الهامشية والعبثية أو على أقل تقدير ثانوية وفرعية؟ وماذا عن برنامجي اليومي؟ هل هو مليء بما يبني الشخصية وينميها أو بما يهدمها ويركسها؟ هذه الأسئلة يجب على الإنسان أن يطرحها على نفسه باستمرار وعليه أن يجيب عليها بكل صدق لأنه هو المتضرر الأول من عدم الصدق مع النفس، ثم إن على الإنسان أن يتحلى بالشجاعة الكافية ليعترف بخطئه إن كان مخطئاً وليغير من واقعه.

إن شهر رمضان شهر البناء الرسالي، وموسم صناعة الشخصية الرسالية المتميزة، فقد جاء هذا الشهر لكي يكون المحطة المناسبة التي يُكامل الإنسان فيه شخصيته الرسالية، والتي بدورها تحتاج إلى مجموعة من الركائز الضرورية حتى يكتمل بنيانها، وشهر رمضان المبارك يمثل البيئة المناسبة والأرضية الخصبة لهذه الركائز التي تنمي وتكامل الشخصية.

برنامج الإنسان المؤمن في شهر رمضان

وحتى يستفيد الإنسان المؤمن من هذا الشهر الفضيل في تنمية شخصيته لا بد له من وضع البرنامج المناسب الذي يكفل له تحقيق هذا الهدف، وهنا نذكر بعض البرامج المهمة التي ينبغي للإنسان المؤمن الاهتمام بها في شهر رمضان المبارك.

أولاً: بناء علاقة وثيقة مع القرآن الكريم

شهر رمضان هو شهر القرآن، وإنما خُص هذا الشهر بكل هذا الفضل بسبب كونه ظرفاً لنزول القرآن الكريم الذي هو كلام الله، وبسبب كون كلام الله عظيماً كان لا بد أن ينزل في ظرف يناسب هذه العظمة، ولأن كلام الله -سبحانه وتعالى- يهدف تغيير واقع البشر وانتشالهم من واقعهم الفاسد إلى واقع صالح كان لا بد أن ينزل في ظرف يتلاءم وهذا التغيير المنشود، فكان شهر رمضان.

وهكذا كان الصيام في هذا الشهر المبارك أيضاً؛ لأن الصائم بصيامه يكون أبعد ما يكون عن الشهوات، ففي تلك اللحظة تكون الأرضية المناسبة لتلقي وقبول الحق المبثوث في كتاب الله الكريم، ولما كان القرآن الكريم كتاباً يهدي إلى الحقائق كان وقت الصيام عن الشهوات هو أفضل وقت لقراءة هذا الكتاب والتدبر فيه، أليست الشهوات هي المانع الأساس من قبول الحق؟! وأي فرصة للتسليم لمعارف القرآن الكريم أفضل من هذه الفرصة؟

والقرآن الكريم ينمي التقوى التي هي أبرز أهداف الصيام، وشهر رمضان هو شهر الصيام، فبذلك كانت العلاقة بين شهر رمضان والقرآن الكريم علاقةً متينةً جداً، إن بركة شهر رمضان ورحمته وخيراته إنما تتضاعف وتنمو وتتكامل من خلال بركة القرآن ورحمته وخيراته، إلا أن ذلك لا يتأتى إلا إذا أدى الإنسان وظيفته ومسؤوليته، اتجاه صيامه من جهة، واتجاه كتاب الله من جهة أخرى.

القرآن الكريم هو سبب التكامل للإنسان الفرد والمجتمع، ولكن إنما يتكامل الفرد والمجتمع إذا ما نفّذ كل وظيفته اتجاه الشرائع الإلهية والكتب السماوية، وبدونه لا يتكامل الإنسان ولا تبنى الحضارة، والقرآن الكريم كتاب هداية ورحمة للإنسان لكنه لا يكون كذلك إلا بالتدبر في سوره والتفكر في آياته وتعقل معارفه والتذكرة بحقائقه، ثم العمل على تطبيقه.

ولهذا فإن من الواجبات الأساسية على الإنسان وبالخصوص في شهر رمضان هو التدبر في كتاب الله سبحانه، فالله سبحانه وتعالى أنزل القرآن الكريم ليكون هدى للإنسان، على مستوى الفرد والمجتمع والأمة.

 والغرض الأساس من التدبر هو استنباط (الهدى)؛ لأن كل ما يحتاجه الإنسان في هذه الحياة هو أن يكون على هدى، والقرآن الكريم له منهج متميز في تحقيق الهداية للإنسان وهو يعتمد على ركيزتين: التزكية، والتعليم، ولهذا فإن وظيفة التدبر الأساسية هي البحث عن المناهج التربوية والحقائق العلمية التي انطوت عليها آيات الكتاب لتوظيفها في تحقيق الهداية على المستوى الفردي والاجتماعي، وهذه الهداية لا تحقق إلا حينما يتدبر الإنسان في كتاب الله، ويؤدي وظائفه وواجباته بالنسبة إلى الذكر الحكيم.

ولهذا فإن القطيعة مع القرآن الكريم أمر منهي عنه، وهو في شهر رمضان أشد وآكد، وكذلك (لا خير في تلاوة لا تدبر فيها)، (ولا يكونن هم أحدكم آخر السورة).

ثانياً: بناء الثقافة والفكر

إن من أولى الأولويات على الإنسان أن يهتم ببناء ذاته الثقافية والمعرفية، ولعل لسائل أن يسأل عن أهمية التنمية الثقافية للفرد والمجتمع، وماذا تمثل الثقافة للإنسان؟ وهل للثقافة دور في حياة الإنسان أصلاً؟ وإن كان لها دور فما هو؟

في الحقيقة لأن ثقافة الإنسان ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسلوكه ومواقفه، فهي تعكس واقع الإنسان، فإذا كانت ثقافة الإنسان ثقافة فاسدة مريضة، فماذا ترجو من واقعه؟ لا ريب أنه سوف يكون فاسداً ومريضاً، وكما حاضر الإنسان كذلك مستقبله رهين منهجية الإنسان في التفكير، وهذه المنهجية هي أهم ما ينبغي أن يغيره الإنسان في نفسه، فينبغي أن يغير الإنسان ثقافة التبرير، وثقافة الأماني والتمني، والثقافة الاتكالية، وكافة الثقافات غير المسؤولة إذا أراد أن يبني مستقبلاً مشرقاً.

وتلعب الثقافة كذلك دوراً مهماً في حياة الإنسان لأن التغيير الثقافي هو أرضية كل تغيير، فالتغيير يستلزم تغير في الرؤية، والثقافة هي المنظار الذي ننظر به إلى الأشياء ونقيمها على أساسه، فإذا كانت رؤيتنا إلى الواقع الفاسد وتقييمنا له ايجابية فإننا سوف لن نسعى لكي نغيره، إذاً الثقافة السليمة هي شرط أساسي لكل مجتمع أراد التقدم.

لذلك نحن كثيراً ما نرى القرآن الكريم يتعرض لمشاكل الإنسان النفسية بالتشخيص والعلاج ونتساءل عن السبب؛ والجواب لأن مشاكل الإنسان النفسية هي السبب في مشاكله الثقافية، والتي بدورها السبب في بقية مشاكله.

ولذلك فنحن مدعوون في هذا الشهر الفضيل أن نصحح علاقتنا مع الكتاب والمحاضرة والندوة وكل مصدر من مصادر المعرفة، إنه من الواجب علينا جميعاً أن نغير ثقافة العداء للكتاب السائدة في مجتمعنا إلى ثقافة الصداقة مع الكتاب، علينا أن نعيد تقييمنا لأهمية العلم والمعرفة، وعلينا أن لا ننسى أننا -كمجتمع- كنا بالأمس القريب نسخر من العلم والمعرفة، ونسخر من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي ولا نتورع عن أن نطلق عليهم مختلف الأوصاف والنعوت، فإن كان هذا حالنا مع العلم والمعرفة والثقافة فأنَّى لنا التقدم؟!!

ثالثاً: بناء الروح

الارتباط الحقيقي بالله عن طريق الدعاء والصلاة يكشف عن مدى معرفة الإنسان بربه وحبه له، فأحد المقاييس لمعرفة حب الله للإنسان، أن يعرف الإنسان مدى حبه لله، فإذا كان الإنسان مقبلاً على الله بالعبادات محباً للقائه، فإن هذا يُعد مؤشراً على حب الله للإنسان، فالله سبحانه وتعالى أكرم من كل كريم وقد ورد في الحديث القدسي عن الله: (من تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً).

فعلينا ونحن في هذا الشهر الفضيل أن نبدل حالة القطيعة للدعاء لكي لا يقطعنا الله، وأن نستبدل حالة الهجران بالاتصال بالله لكي لا يهجرنا الله -والعياذ بالله-، فإلى متى تظل نفوسُنا تتثاقل من الدعاء والصلاة، فإن هذا التثاقل يدل على نقص في معرفتنا بالله -سبحانه- وحبنا له.

الدعاء في حقيقته موعد مع العرفان، هو يمثل الاتصال بالله -سبحانه وتعالى- في أسمى معانيه، فلحظة الدعاء هي لحظة ارتباط العبد بالسيد، الفقير بالغني، العاجز بالقادر، إنه لغة الإيمان، وينبوع الفضائل، وطريق التكامل، وجوهر الصلاة، وحقيقة الحج، وبكلمة هو مخ العبادة وروحها.

ولحظة الدعاء هي لحظة المكاشفة الحقيقية، فالنفس في لحظة الدعاء تُسقط جميع حجب الكبر وأستار الهوى، وتطلع على حقيقة فقرها المدقع، وعجزها اللامحدود، واحتياجها الدائم، وبكلمة تطلع على حقيقة العبودية فيها، وهكذا لحظة الدعاء هي لحظة المكاشفة الحقيقية، ففيها يتصل نور القلب بنور الله، فتتقد جذوة الإيمان وتذكو، فتفيض معرفة بالله وعرفاناً، لماذا؟ لأنه يغذي الإنسان بوعي أسماء الله الحسنى فيعرج في رحاب المعرفة بالله.

إذن نحن ندعو الله -تعالى- لسببين: لنعرف أنفسنا أولاً ولنعرف ربنا ثانياً، وهذه الحقيقة يبينها لنا القرآن الكريم فيقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)([3])، فالذي يرتشف من كأس مناجاة الله يصل إلى قمة المعرفة بالله -سبحانه وتعالى-، مثلما حدث مع موسى بن عمران (ع)، فقد قال عنه الله: (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا)، والنتيجة كانت طلب الرضا الإلهي الذي يكشف عن عمق المعرفة: (وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)([4]).

رابعاً: بناء الإرادة

لا شك أن الإرادة القوية تعتبر حجر الزاوية في شخصية العظماء، حيث إن المائز الأساس بين العظماء وغيرهم يكمن في إرادتهم، بل إن تفاضل الأنبياء -عليهم السلام- فيما بينهم إنما هو بالصبر، لذلك عرف الأنبياء الخمسة (ع) بأولي العزم، فالإرادة القوية هي المعين الأساس للإنسان للنجاح وتجاوز جميع العقبات والإحباطات واليأس، ولهذا فإن الفرد أو المجتمع الذي يكون خائراً في إرادته لا يستطيع أن يحقق أبسط طموحاته وتطلعاته، وبكلمة فإن الإنسان -الفرد والمجتمع- رهين إرادته.

ولما كانت الإرادة بهذا المستوى من الأهمية، جاءت بعض التشريعات لتقوِ هذه الجنبة في شخصية الإنسان المؤمن، كالصلاة والصوم والحج؛ حيث أن الإنسان إذا امتلك الإرادة القوية استطاع أن يصبر على فعل الطاعة ويصبر على ترك المعصية، وبالإرادة القوية والصبر يستطيع الإنسان أن يستقيم على طريق الحق، والاستقامة كما لا يخفى من أصعب الواجبات، وبهذا يكمل الصوم شخصية الإنسان من خلال تعزيز هذه الجنبة والركيزة الأساسية في شخصية الإنسان.  

خامساً: بناء الخلق الحسن

الإسلام -كدين إلهي- جاء ليُكامل الإنسان في شتى جوانبه التي يحتاج إليها، وليعطيه البصيرة الصحيحة في كل ما يرتبط بحياته، وبصائر الدين في الأخلاق لا تشذ عن هذا المبدأ، فلا يوجد نظام أخلاقي يعطي التصور الصحيح لما ينبغي أن تكون عليه الأخلاق كالنظام الأخلاقي الإسلامي، ولا يوجد نظام أخلاقي يخلق حالة التوازن بين العنصر المادي في حياة الإنسان وبين العنصر الروحي والأخلاقي كالنظام الأخلاقي الإسلامي.

ولكن ما هي الأخلاق؟ الأخلاق جمع خلق، وهو الصفة الراسخة في النفس التي تدعوها إلى فعل الخير أو فعل الشر، كالكرم والسخاء والشجاعة والوفاء أو البخل والجبن والخيانة والغش وما شابه، والأخلاق الحسنة تمثل جانب الاعتدال في النفس وتعكس خلفية روحية عالية وقوية وتعكس الاستعدادات النبيلة في نفس الإنسان، بخلاف الأخلاق السيئة، فهي تمثل جانب الانحراف في النفس، وتعكس خلفية روحية هابطة وضعيفة، وتعكس الاستعدادات القبيحة في نفس الإنسان.

وهناك أحاديث تربط ربطاً وثيقاً بين الإيمان والأخلاق، وتجعل الأخلاق هي الدليل على الإيمان، منها: ما روي عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: (إنَّ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً)، ومنها: ما روي عن رسول الله (ص) أنه قال: (ما يُوضع في ميزان امرئٍ يوم القيامة أفضل من حُسن الخلق) ، ومنها: ما روي عن رسول الله (ص)أنه قال: (أكثر ما تلجُ به أمتي الجنّة تقوى الله وحُسن الخلق).

وحاجتنا إلى الأخلاق الفاضلة حاجة ملحة جداً إذ أنها هي التي ترسم الصورة الباطنية للإنسان (الشاكلة)، والعمل إنما هو انعكاس للشاكلة، فهي التي تصدر منها الأفعال (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً) ، من هنا كان هدف الرسالات وبعث الرسل إنما هو تزكية نفس الإنسان، (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) ، والتزكية مقدمة؛ لأنّ التزكية هي الهدف والوسيلة والقاعدة، وهكذا يقول الرسول الكريم (ص): (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

إذن الأخلاق والتربية الأخلاقية على هذه الدرجة الكبرى من الأهمية، ولكن ما هو واقعنا نحن؟
إن واقعنا للأسف يضج بسوء الخلق، فالابن لا يحترم أبيه والبنت لا تحترم أمها والأخ لا يحترم أخاه، وهكذا، وللأسف فإن مجتمعنا يعيش حالة عجيبة من عدم الاهتمام بالأخلاق، فترى الإنسان منا يصرف جل عمره وطاقاته في أمور تافهة ومن أجل تزيين حياته الظاهرية، وينسى تهذيب نفسه بالأخلاق الحميدة.

الخاتمة

لا بد لنا أن ندرك فضل شهر رمضان المبارك وعظمته حتى يكون لنا معيناً على بناء شخصياتنا الإيمانية، ورد عن النبي (ص) أنه قال: (قال الله تبارك وتعالى: كل عمل ابن آدم هو له غير الصيام، هو لي وأنا أجزى به، والصيام جُنّة العبد المؤمن يوم القيامة، كما يقي أحدكم سلاحه في الدنيا، ولَخَلوف فم الصائم (أي رائحة فمه) أطيب عند الله من ريح المسك، والصائم يفرح بفرحتين: حين يفطر فيطعم ويشرب، وحين يلقاني فأدخله الجنّة) ، وورد عنه (ص) أنه قال: (الصائم في عبادة الله وإن كان نائماً على فراشه، ما لم يغتب مسلماً)، فلا بد للإنسان المؤمن أن يخرج من حق الله وحق الناس.





[1]) سورة هود / 118 - 119.
[2]) سورة الذاريات/ 56.
[3]) سورة فاطر/ 15.
[4] سورة طه/ 83-84.


            (ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
            ( |  ~ {قرووب  البصيرة  الرسالية)  .  .  (للأخبار  والمواضيـع  الرسالية} ~  | )
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــ |(
            (
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )


لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:

http://groups.google.com/group/albaseera


ملحق ذا فائدة:

* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5902&post=19686&uid=36375794025#/group.php?gid=36375794025

* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب
على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/user/nwrass2009

*
لمشاهدة قناة العلامة النمر على الشيعة تيوب على هذا الرابط:
http://www.shiatube.net/NWRASS2009

* لتنزيل إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر والذي يحوي 1902 محاضرة:

http://www.4shared.com/dir/10157159/d7de52b5/sharing.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق