السلام عليكم ورحمة الله

نرحب بكم معنا في مدونة البصيرة الرسالية التي نحتفظ بنسخة من رسائلنا المرسلة على قروبنا (البصيرة الرسالية).

تنويه:-

1- من يرغب أن تصله رسائلنا على بريده ليشترك عبر هذا الرابط:

http://groups.google.com/group/albaseera/subscribe

وتأكيد اجراءات الاشتراك من الرابط.

2- لمشاهدة المواضيع السابقة تجدونها مفروزة على حسب أيام الإرسال وذلك من خيار: (أرشيف المدونة الإلكترونية) بالجانب الأيمن من الصفحة.

3- نظراً لطول بعض المواضيع هنا مما يجعل الصفحة طويلة للقارئ سنلجأ إلى وضع جزء من الموضوع وقراءتكم لباقي الموضوع في نهايته بالضغط على الزر الموجه في آخر الجزء المرفق.

ونأمل لكم الفائدة معنا..

28 أبريل 2009

نص خطبتي الجمعة: العوامي: ‏(الرشد طريق التكامل الحضاري)‏ تاريخ: 28-4-1430 هـ، ساهموا في نشرها معكم

رابط خطبتي الجمعة:

عنوان الخطبة (1): الرشد طريق التكامل الحضاري
http://www.mediafire.com/?ji2qimy1mnn

عنوان الخطبة (2): القيادات والنخب أساس التغيير
http://www.mediafire.com/?ynuyzbyqn5w

كلاهما
http://www.mediafire.com/?rixrzjdwtel

الرشد طريق التكامل الحضاري
الخطبة الأولى 28 ربيع الثاني 1430

http://albaseera.googlegroups.com/web/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF+%D8%AE%D8%B6%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%A7%D9%85%D9%8A.jpg?gda=8c8SCJIAAAAaEI6q13t3NKEponfgG5OxTYoQLWohDCMm8ClCFLP2x8_IB-cvcYfvE7gMYFaY1JZ2NqJeZ0qh_NB9okyih_eCFZHhuiBKoOQ769ycT2571Ed0DlgMcfbfnSgx8v-EhWIY4vifQP8XTIrYHz56Yv6l8GbcpxuLqkbLW2_-Jv25f1Xi7dpriIAjJhAipsb2do-CHqjxxwsG8_oKG53kozMh

صدر الخطبة
عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإن التقوى مفتاح كل خير، وأصل كل فضيلة، فمن خلال التقوى يستطيع الإنسان أن يرتقي في مدارج الكمال ويصل إلى الدرجات العلى، ومن خلال التقوى يتبلور عقل الإنسان وفكره وطريقة تفكيره حتى يصل إلى الرشد.

النقطة الأولى: مفهوم الرشد
استخدم القرآن الكريم الرشد في مقابل السفه مرة واستخدمه في مقابل الغي مرة أخرى ليدلنا على أن الرشد هو الحالة السوية وحالة الاعتدال أما الخروج عن هذه الحالة بالشذوذ عنها لسفه أو غي فيمثل الخروج عن حالة الاستواء والاعتدال، إن التزام حالة الاستواء يمثل الرشد، وأي خروج عن هذه الحالة هو سفه وغي، يقول تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[1].
لذلك فأنت تسمع بمصلح الاستخدام الرشيد الذي يعبر عن حالة الاعتدال.
واستخدم القرآن الكريم الرشد في مقابل الضر أيضاً؛ لأن نتيجة الغي والسفه هي الضر، بينما المنفعة هي نتيجة الضر، يقول تعالى: (قُلْ إِنِّي لآ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَدًا)[2]، كما أن الرشد ضد الضلال؛ لأن الرشد مرتبط بالهداية، بينما الغي مرتبط بالضلال.
فالرشد يعني المقدرة على التمييز الصحيح بين الخير والشر وبين الصالح والطالح والمقدرة على اتخاذ القرار السليم، وهو ما يُعبر عنه اجتماعياً بالنضج. فليس الرشد في مفهوم القرآن الكريم هو القدرة على فلسفة الأمور وحلحلتها وإن كان هذا التنظير بعيد عن الحق ومجانب للصواب، فكل من يرغب عن ملة إبراهيم بما تمثله من حق، وبما احتوت عليه من قيم ومثل، فهو سفيه، حتى ولو كان يمتلك مقداراً كبيراً من المعرفة النظرية ومستوى متقدماً من القدرة على التنظير بأن كان يعد مفكراً أو باحثاً أو كاتباً أو مثقفاً أو ما شابه ذلك، يقول تعالى: (وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)[3].
هذا لأن الدين الإلهي يعكس الحق الواضح المتجلي في الخليقة بما فيها من سنن ونواميس، ويعكس القيم الفطرية التي ولد بها الإنسان، فعلى هذا يكون كل من يكفر بمنهج الله الذي ارتضاه لعباده فهو سفيه النفس، سواء كان كفره كفراً على صعيد العقيدة، أو كفراً بشريعة الله ومنهجه في أي قضية من القضايا سواء كانت في المجال السياسي أو الاجتماعي أو الأخلاقي والتربوي أو الاقتصادي.
فهناك فئة من الناس ترفض حقيقة وجوب كون الدين مهيمناً على واقع البشر الثقافي والسياسي والاجتماعي والأخلاقي وما شابه، فتراهم يحصرون دور الدين في دور العبادة وفي علاقة الإنسان الفردية بربه، ودون أن يكون للدين أدنى حضور في الجوانب التي تمس حياة الإنسان، فهم ينكرون أن يكون للدين أدنى تدخل في الشأن الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، ولا شك أن هذا المنطق مرفوض جملة وتفصيلاً من وجهة نظر الدين.
عن أبي جعفر -عليه السلام- (أنه أتاه رجل بمكة فقال له: يا محمد بن علي؛ أنت الذي تزعم أنه ليس شيء إلاّ وله حد؟ فقال أبو جعفر -عليه السلام-: نعم أنا أقول أنه ليس شيء مما خلق الله صغيراً وكبيراً إلاّ وقد جعل الله له حداً، إذا جُوِّز به ذلك الحد فقد تُعدي حدُ الله فيه. فقال: فما حد مائدتك هذه؟ قال: تذكر اسم الله حين توضع، وتحمُد الله حين تُرفع، وتقـم ما تحتها. قال: فما حد كوزك هذا؟ قال لا تشرب من موضع أذنه، ولا من موضع كسره، فإنه مقعد الشيطان. وإذا وضعته على فيك فاذكر اسم الله، وإذا رفعته عن فيك فاحمد الله وتنفس فيه ثلاثة أنفاس فان النفس الواحد يُكره)[4].
وهكذا يمتد السفه ليشمل كل من يكفر بالحنفية البيضاء وبما يتفرع عنها من ثقافة ربانية صافية ونقية، فالثقافة الرسالية موجودة في القرآن الكريم وفي كلام أهل البيت -عليهم السلام- ولكن هناك من يكفر بهذه الثقافة، ويحاول أن يشكك في حقانيتها وصوابيتها، وهناك بعضٌ آخر لا يريد أن يتحمل أعباء حمل هذه الثقافة مع إيمانه به.
وهناك مستويات من الرشد؛ فقد يكون الإنسان راشداً مالياً واقتصاديا يستطيع أن يدير شؤونه الاقتصادية بشكل صحيح، ولكنه قد يكون سفيه ثقافياً؛ بأن لا يكون قادراً على انتخاب الثقافة الصحيحة. 
وكما على الصعيد الفردي، كذلك على الصعيد الاجتماعي هناك رشد وهناك سفه؛ فإتباع الرسل والأنبياء والمصلحين الذين يمثلون الحق والصواب يعكس حالة الاستواء في المجتمع وبالتالي الرشد الاجتماعي، أما التخلف عنهم وتكذيبهم ومحاربتهم فهو يمثل السفه والغي، وهكذا المجتمع الرشيد هو الذي يتبع القيادات التي تهدي بالحق وتأمر بالعدل، أما المجتمع الذي يحارب قيادات السماء فهذا المجتمع مجتمع سفيه ويتبع سبيل الغي في سلوكه وثقافته، وهكذا المجتمع الذي يتخذ من الظلمة قيادات له فهذا مجتمع غير رشيد.
النقطة الثانية: أهمية الرشد
لا شك أن القرآن الكريم قد أكد على مفهوم الرشد في أكثر من موضع، وأكد على كون هذه الصفة أحد أهم صفات الشخصية الإيمانية، بل إن الهدف من القرآن الكريم هو الهداية إلى الرشد كما يبين القرآن الكريم نفسه، يقول تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا)[5]، فمن أبرز حقائق هذا الكتاب أنه كتاب هداية، فالقرآن الكريم مستجمع لكل مقومات الهداية، وهذه الهداية متعلقة بالرشد، فما كان من الجن إلا أن آمنوا (فَآمَنَّا بِهِ)، فهم لم يمتلكوا إلا أن يؤمنوا؛ لأن النتيجة الطبيعية من كون القرآن الكريم يهدي إلى الرشد هو الإيمان به، ثم يمضي السياق: (وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) فهذا الجزم نتيجة للرشد.
أولاً: أهمية الرشد الفردية
ولا تتحقق الأهداف الكبرى والغايات العظمى من خلق الإنسان إلا بكون الإنسان رشيداً متحرياً للرشد، فالله -سبحانه وتعالى- خلق الإنسان لكي يتكامل في آفاق العبادة والمعرفة الإلهية، الأمر الذي لا يجتمع مع الغي والسفه، فالرشد بما يتضمن من انتخاب الصواب والحق يعكس جانب التكامل عند الإنسان.
فالرشد هو الذي يمكن الإنسان من حمل الثقافة السليمة؛ لأن الإنسان الراشد ثقافياً هو الذي وصل إلى مستوى من الوعي يمكنه من إدارة شأنه الثقافي بشكل سليم، بحيث يستطيع أن يميز بين الأفكار والثقافات غثها من سمينها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الإنسان الرشيد هو الذي يعكس علمه ومعارفه على واقعه الخارجي بحيث تشكل له الأفكار التي يحملها بصائر يمشي بها في عتمة الثقافات المتصارعة والمتناقضة، أما الإنسان الذي لا يمتلك مثل هذا الوعي فإنه يتخبط في دهاليز الثقافات المظلمة والأفكار السوداوية.
وبكلمة، إن تكامل الشخصية لا يكون إلا عن طريق اكتساب العلم والمعارف الحقة أولاً وتطبيقها على واقع الإنسان ثانياً، وهذا لا يكون إلا بالرشد.
ثانياً: أهمية الرشد لنهضة الأمة
الأمم لا تتخلف إلا إذا أصيبت بأمراض وابتليت بمشاكل، ترجع بالأمة إلى الوراء في مسيرتها نحو الإصلاح والحضارة. بل إن الأمة لا تستعبد من قبل الاستكبار والطغيان إلا لأمراضها الداخلية التي تجعلها لقمة سائغة أمام الطامعين، ومشكلة الأمة اليوم هو في سلوكها وشخصيتها ومرضها الداخلي، أما توثب الاستكبار والطغيان عليها ليس إلا عرضاً لهذا المرض.
فتحرير الأمة من قيود الاستكبار والطغيان لا يكون إلا بعد تحرير الأمة من قيودها وأغلالها الداخلية، والنهوض بالأمة إلى ركب الحضارة لا يكون إلا بعد أن نعالج مشاكل الحضارة ونستوفي في داخلنا شروط النهضة، إن هناك قيوداً تكبل الأفراد وتكبل المجتمعات، وتكبل الأمة، والنهضة بالأمة لا تكون إلا بعد تكسير هذه القيود والعقبات.
ولهذا يجب علينا أن نقف ونتساءل: ما هي القيود التي تكبل الإنسان، وما هي الأغلال التي تقيد مجتمعاتنا، وتكبل الأمة عن حركتها نحو الإصلاح والنهضة، وتسلب منها حريتها وتسهل الطريق للاستكبار لاستعبادها؟
لا شك أن الذي يفتش عن جذور التخلف في الأمة فإنه سيقع على المشكل الثقافي كأحد أبرز أسباب التخلف في الأمة.
إن حرية الأمة ونهضتها هي إرادتها، فإرادة الأمة هي التي تصنع الحرية وتصنع الإصلاح والنهضة. ولا يمكن أن تحرر الأمة إلا إذا تحررت إرادة الفرد، وإرادة الفرد لا تتحرر إلا بالوعي والبصيرة.  فالرشد الثقافي والوعي للمسؤوليات الدينية والتحديات التي تمر بها الأمة، هو الذي ينشأ إرادة مسؤولة تساهم في خدمة مسيرة الأمة، أما الإنسان المتخلف ثقافياً فهو في الأغلب عنصرٌ خامل لا يتفاعل مع مسيرة الأمة.
والتخلف الثقافي هو في الحقيقة مرضٌ عضال تتفرع منه أمراض شتى، فهو يقتل الكلمة ويحد من تأثيرها، ويقتل الطموح ويسفه الاهتمامات، وهذه الأمراض تقتل طاقة الفرد وتحوله إلى عنصر خامل، مما يضعف قوة الأمة وإرادتها في الإصلاح والتحرر، بينما الرشد الثقافي هو الذي يموج للكلمة الصادقة، ويدفع بالطموح إلى أعلى مستوياته، ويرقى بالاهتمامات إلى صلب القضايا الأساسية والضرورية.
ثالثاً: أهمية الرشد للقيادة
يقول تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ)[6]، إن من أبرز الصفات التي تتصف بها القيادة الرسالية هي صفة الرشد؛ وهذه الصفة تتناسب وحجم الأدوار التي تضطلع بها؛ فبما أن الواقع يعج بالأحداث الكبيرة والقضايا المصيرية فإنه من اللازم والضروري أن تكون القيادة التي تريد أن تنهض بالمجتمع بحجم هذه الأحداث والقضايا لا أن تكون وراءها.
واتصاف القيادة الرسالية بالرشد يعني فيما يعني ثلاثة أمور:
(1) المعرفة العميقة بالدين.
(2) معرفة الواقع.
(3) التصدي للواقع.
فالقيادة الرسالية هي التي تتحرك من عمق معرفتها بقيم الدين وأحكامه، وليس من أهوائها ومصالحها، وكل حركتها مبنية على العلم والبصير النافذة وليس على الجهل والظنون والشكوك، ثم إنها تنطلق من فهم متين ودقيق للواقع وللمتغيرات التي تعصف به وللعوامل التي تحكمه وتسيره، فهي مضطلعة على السياسة وألاعيبها، ومتفهمة لجوانب القوة والضعف للمجتمع، بالإضافة إلى أن القيادة الرسالية هي التي تتصدى لتغيير الواقع الفاسد وتتحمل في سبيل ذلك الأذى والتضحية.
فالرشد هو المقياس الحقيقي للإتباع؛ فبقدر ما تمتلك القيادة من رشد، بقدر ما تكون أحق بالإتباع، والقيادة الرسالية بما تمتلك من إيمان فهي أقرب إلى الرشد، والطريق التي تمشي فيه هو طريق الرشاد، يقول تعالى: (وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ)[7]، بينما الطاغوت هو أبعد الناس عن الرشد، يقول تعالى: (فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ)[8].
لكن الطاغوت ديدنه هو تزييف الحقائق وتبديل المفاهيم، يقول تعالى: (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)[9]، ويقول تعالى: (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)[10].
كيف نحصل على الرشد؟

وهنا ينبغي علينا أن نتساءل: إذا كان الرشد الثقافي ضرورة ماسة بالنسبة إلى الفرد، وبالنسبة إلى نهضة الأمة، فيا ترى ما هو منبع الرشد؟ وكيف نحصل عليه؟
إن الرشد هو تناغم الإنسان مع الحقائق والمعارف والثقافات، والوحي هو مصدر الرشد لأن الوحي كما يبين للإنسان المنهج الإلهي، كذلك يهدي الإنسان إليه، فيجعل الإنسان يتناغم مع الحقائق الكبرى، ينسجم مع العقيدة، يبلور في الإنسان روح الإيمان والتقوى التي تدعوه إلى تطبيق المنهج الإلهي.
ولكن حتى يصل الإنسان إلى الرشد، هو بحاجة إلى أن يستجيب إلى الوحي، من خلال الإيمان بالمنهج الإلهي. فالله سبحانه لا يمن على الإنسان بالرشد، ولا يمن على المجتمع بالرشد إلى بعد الإيمان به وبرسالته وبمنهجه. لأن الإيمان هو الذي يجعل الإنسان متناغماً مع ما يمتلك من معارف وبصائر ورؤى، (وَإِذَا سَاَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَاِنِّي قَرِيبٌ اُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِيْ وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)[11].
حتى يصل الإنسان إلى الرشد لا بد له من أن يطهر قلبه من جميع المصالح الذاتية، وأن يستجيب إلى الآيات الإلهية،  وبقدر ما يسلم إلى الآيات الإلهية بقدر ما يهبه الله من الرشد، ولهذا فإن من يستكبر على آيات الله لا يصل إلى طريق الرشد، يقول تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ)[12].
وهكذا على مستوى الأمة، إذا أرادت أن تكون أمة رشيدة لا بد لها أن تستجيب للمنهج الإلهي وتؤمن به عملياً على جميع المجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية، إن الأمة الإسلامية تمتلك المنهج الإلهي القادر على صناعة حضارة حقيقية لهذه الأمة،  لكن هذا الأمر رهين بإيمان الأمة بمنهجها السماوي وتطبيقها لهذا المنهج.
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا)[13]، إن ثقافة القرآن تبلور الرشد الوعي في روح الأمة، من خلال العلم والإيمان والذي من خلالها يتحقق الرشد، وإذا أرادت الأمة أن تمتلك الرشد فعليها بالاستجابة إلى القرآن وإلى المنهج الإلهي.




القيادات والنخب أساس التغيير
الخطبة الثانية 28 ربيع الثاني 1430هـ

صدر الخطبة
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإن التقوى هي أساس كمال شخصية الإنسان. إن الإنسان خلق في الحياة من أجل الوصول للكمال، ومن هذه الحكمة جاء ابتلاء الله للإنسان.
يقول تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)[14]، إن الله سبحانه لا تزال نعمه تتواتر على الكائنات وتتابع آلائه على الخليقة، ولولا القدرة الإلهية لتلاشت السموات والأرض وما فيهن، فعالم الخليقة في تكامل مستمر، لأن خالقها يعطيها بركة تلو أخرى، فمسيرة الخلق على صعيدها التكويني هي في حركة تصاعدية. والله خلق الموت والحياة من أجل ابتلاء الإنسان، حتى يعمل الإنسان العمل الأحسن. والعمل الأحسن لا يكون إلا إذا خاض الإنسان الامتحانات المتعددة، وتجاوز الابتلاءات من أجل الرضوان الإلهي.
فيا عباد الله، اتقوا الله واغتنموا هذا العمر في طاعة الله سبحانه، فالحياة ساعة فاجعلها طاعة، اتقوا الله واعلموا أن هذه الحياة دار امتحان وبلاء، فالابتلاء هو صبغة هذه الحياة، وإعراض الإنسان عن مسؤولياته وغفلته عنها لا يرفع الابتلاء لا يغير من حقيقة الواقع شيئاً. إن التقوى تمكن الإنسان من تجاوز الابتلاء والامتحان.

الإصلاح بحاجة إلى قيادات
لماذا لا تهدأ بعض المجتمعات في مسيرة الإصلاح؟
ولماذا تتوقف مجتمعات أخرى عن مسيرتها منذ الجولات الأولى في حركة التغيير والإصلاح؟
لا شك أن ثمة عناصر هي التي تحرك المجتمعات من أجل المطالبة بالحقوق، وهذه العناصر والصفات حينما تغيب عن المجتمعات الأخرى تراها غير قادرة على مواصلة الحركة الإصلاحية واسترداد الحقوق.
إن التغيير والإصلاح لا يمكن أن يولد بعيداً عن الإرادة الاجتماعية، وإنما الإصلاح لا يولد إلا من رحم الإرادة الاجتماعية،  فما لم تكن هناك إرادة اجتماعية حقيقية للتغيير لا يمكن للمجتمع أن يحقق الإصلاح، أو أن يسترد حقوقه المضيعة، فالإرادة الاجتماعية هي التي تصنع التغيير والإصلاح، وإرادة المجتمع تتمثل في القيادات والطلائع والنخب الذين يسعون من أجل تحقيق طموحات المجتمع وتطلعاته في الواقع الخارجي.
ولهذا مجتمع بلا قيادة، هو مجتمع بلا إرادة، قيادة المجتمع هي التي تصنع إرادته الشعبية والجماهيرية، والمجتمع الذي تتكاثر في القيادات والنخب التي تتحرك نحو طموحات المجتمع وتطلعاته هذا المجتمع يمتلك إرادته، فالأمة التي تبني القيادات و الطلائع الرسالية لهي أجدر أن تكون في طليعة الأمم.
إن من أبرز العناصر التي تؤهل المجتمع للتغيير والإصلاح واسترداد الحقوق هو وجود القيادات والطلائع والنخب الصالحة، فإصلاح الواقع الخارجي منوط بالقيادات والطلائع التي تعمل من أجل قضايا المجتمع، ومن أجل قضايا الأمة؛ المجتمعات التي نهضت لم تنهض إلا بما لديها من طاقات وقدرات وكفاءات، فنخب المجتمع هي التي تقود مسيرة الإصلاح، وهي التي ترفع راية التغيير، وهي تحول القيم الأصيلة والشعارات الكبرى إلى واقع خارجي، فقيادات المجتمع وطلائعه هم الذين يتحركون وفق للأهداف السامية التي يؤمن بها المجتمع، ويسعون من أجل تطبيقها في الواقع الخارجي.

جدارة المجتمع للإصلاح تتجلى وقت الأزمات!
حقيقة المجتمع وما يمتلك من طاقات وقدرات تظهر وقت الأزمات، حيث يتمكن المجتمع أن يقيس نفسه ويقيم ما لديه من طاقات وقدراته، فالأزمات هي التي تحدد وبدقة مقدار الأزمة التي يعاني منها المجتمع، فهل أن المجتمع بتشكيلته الحالية قادر على إحداث التغيير والإصلاح أم لا؟
هل تمتلك طاقات المجتمع ونخبه الأهلية والجدارة في تحقيق الإصلاح والتغيير أم لا؟

وجمود الأمة على واقع معين، أو جمود المجتمعات على واقع معين يكشف عن وجود خلل في مسيرة النخبة، أو نخبة الأمة والمجتمع غير قادرة حتى هذه اللحظة على تجاوز التحديات التي تواجه واقع الأمة.

وهذا لا يعني أنه يجب على المجتمع أن يلغي النخب السابقة ويتجاوز كفاءاته الموجودة، وإنما يعني أن مواجهة التحديات المعاصرة بحاجة إلى كادر أكبر، والساحة الاجتماعية مفتوحة للجميع، وليست حكراً على طبقة معينة، فكل إنسان قادر على بناء طاقته وكفاءته من أجل أن يتمكن في المستقبل من المساهمة في عملية الإصلاح والمطالبة بالحقوق.

لكن الإنسان لا يمكن أن يكون شخصية قيادية أو طليعية إلا من خلال توفر مجموعة من الصفات نذكر بعضها باختصار:

أولاً: مرجعية الوحي
إن الطلائع الرسالية لا بد أن تتصل بالوحي، فيكون الوحي هو المنبع الذي من خلاله تتمكن من استقاء الفكر الصافي، فالذي يبني المجتمع هو بصائر الوحي، لذلك ينبغي على الطلائع الرسالية بذل أقصى الوسع والطاقة من أجل بناء طاقتها الفكرية والثقافية، وغير مقبول البتة، ومن المعيب أن تكون نخبنا أبعد ما تكون عن القرآن وبصائر الوحي، في حين أنها تعرف أدق التفاصيل عن المفكرين الغربيين ونظرياتهم!!

ثانياً: معرفة الواقع
لا شك أن الواقع مليء بالتحديات والأزمات السياسية والاجتماعية والثقافية، ومسيرة الإصلاح تحتاج إلى أيدٍ عاملة تعمل ليل نهار من أجل توجيه الساحة بالثقافة الرسالية التي تتناسب مع المرحلة. الطلائع الرسالية لا بد أن تكون عارفة بواقعها السياسي، تلامس التغيرات السياسية، وتستطيع أن توجه الساحة بما يتناسب مع المتغيرات، من خلال إطلاعها على الساحة، ومن خلال الاتكاء على توجيهات القيادة الرسالية.

ثالثاً: ضرورة الانتماء السليم
من الضروري أن تعمل هذه الطلائع الرسالية وفق انتماء، فالانتماء إلى الجماعة المؤمنة وإلى والتجمع الرسالي هو الذي ينظم حركة الإنسان، بعض الأحيان المجتمع يضم بعض الطاقات والقدرات التي تمتلك وعياً ثقافياً وسياسياً، لكن هذه الطاقات قد لا تجدها تساهم بأدوار واضحة في الواقع الخارجي، فلا تجد لها أدواراً قيادية، ولا هي تنقاد للقيادات الرسالية. وهذا الأمر يكشف عن أهمية الحاجة إلى الانتماء، وإلى تقوية الجماعة الإيمانية.

رابعاً: الانسجام مع طموحات المجتمع
إن قيادات المجتمع وطلائعه لا بد أن تنسجم مع طموحات المجتمع وآماله، لا بد أن تتألم لآلامه، فحينما تكون هناك فجوة بين طموحات المجتمع وبين تطلعاته وبين حركة النخبة، هنا يكون هناك خلل في استجابة المجتمع لقيادته، بل سوف يكون هناك خلل في مسيرة المجتمع نحو الإصلاح والتغيير.
ولهذا فإن المجتمع يتطلع إلى وجود قيادات وطلائع تتناغم مع قضاياه، تتحرك من أجل طموحاته وتطلعاته، تتألم من أجل جراحاته وآلامه، وهذا الأمر ليس مسؤولية فردية، أو أمراً لمجرد العتب والملامة على بعض الجهات التي ينظر إليها المجتمع بأنها مقصرة، وإنما كل إنسان مسؤول أن يوفر في شخصيته المؤهلات القيادية التي تتوافق مع طموحات المجتمع.
وفي ختام حديثنا نؤكد على ضرورة تنمية الكفاءات، وإلا فإن مجتمعاتنا سوف تراوح مكانها إلى أبد الآبدين، وحينما نجد في الواقع الخارجي أن هناك عقبات وعقداً كثيرة تستعصي على الحل، فهذا يدلل على حاجة المجتمع إلى مزيد من القيادات والطلائع والنخب، والإنسان إن لم يكن قادراً على أن يكون شخصية قيادية، فهو لا أقل يتمكن من أن يكون شخصية طليعية نخبوية.


[1] سورة البقرة/ 256.
[2] سورة الجن/ 21.
[3] سورة البقرة/ 130.
[4] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج2، ص170، رواية رقم 10.
[5] سورة الجن/ 1-2.
[6] سورة الأنبياء/ 51.
[7] سورة غافر/ 38.
[8] سورة هود/ 97.
[9] سورة غافر/ 29.
[10] سورة هود/ 87.
[11] سورة البقرة/ 186.
[12] سورة الأعراف/ 146.
[13] سورة الجن/ 1-2.
[14] سورة الملك/ 1-2.




            (ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
            ( |  ~ {قرووب  البصيرة  الرسالية)  .  .  (للأخبار  والمواضيـع  الرسالية} ~  | )
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــ |(
            (
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )


لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:

http://groups.google.com/group/albaseera


ملحق ذا فائدة:

* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5902&post=19686&uid=36375794025#/group.php?gid=36375794025

* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب
على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/user/nwrass2009

*
لمشاهدة قناة العلامة النمر على الشيعة تيوب على هذا الرابط:
http://www.shiatube.net/NWRASS2009

* لتنزيل إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر والذي يحوي 1902 محاضرة:

http://www.4shared.com/dir/10157159/d7de52b5/sharing.html

25 أبريل 2009

تقرير الجمعة: ‏(السيد العوامي: الرشد طريق الأمة إلى التكامل الحضاري)‏ ساهموا بنشره معكم

مؤكداً على أهمية تخريج القيادات والطلائع من أجل تحقيق الإصلاح الجذري
السيد العوامي: الرشد طريق الأمة إلى التكامل الحضاري
http://albaseera.googlegroups.com/web/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF+%D8%AE%D8%B6%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%A7%D9%85%D9%8A.jpg?gda=KhVeUpIAAAAaEI6q13t3NKEponfgG5Oxk33cGU8HKafEN3y7bZBRvc_IB-cvcYfvE7gMYFaY1JZ2NqJeZ0qh_NB9okyih_eCFZHhuiBKoOQ769ycT2571Ed0DlgMcfbfnSgx8v-EhWIY4vifQP8XTIrYHz56Yv6l8GbcpxuLqkbLW2_-Jv25f1Xi7dpriIAjJhAipsb2do-CHqjxxwsG8_oKG53kozMh
أكد إمام وخطيب جمعة العوامية سماحة السيد خضر العوامي (حفظه الله) على ضرورة الرشد وأهميته المحورية لمسيرة المجتمع والأمة نحو تحقيق الإصلاح الجذري والتغيير الشامل.
 واعتبر سماحته في الخطبة التي ألقاها في جامع الإمام الحسين http://www.awamia.com/images/prefix/a2.gif بالعوامية بتاريخ 28/4/1430هـ بـ"أن التخلف والسفه - وما هو يقابل الرشد- يمثل أحد المقوضات الأساسية للحركات الإصلاحية في داخل المجتمع والأمة"،  وقد ألفت سماحته بـ"أن إرادة الأمة مغلولة بقيود التخلف الثقافي والاجتماعي، وأن تحررها من الطغيان والاستكبار رهين تكسير تلك القيود".
ثم تساءل سماحته عن مصدر الرشد ومنبعه، فأجاب قائلاً: "إن الرشد هو تناغم الإنسان مع الحقائق والمعارف والثقافات، والوحي هو مصدر الرشد لأن الوحي كما يبين للإنسان المنهج الإلهي، كذلك يهدي الإنسان إليه، فيجعل الإنسان يتناغم مع الحقائق الكبرى، ينسجم مع العقيدة، يبلور في الإنسان روح الإيمان والتقوى التي تدعوه إلى تطبيق المنهج الإلهي".
ثم أكد سماحته أن: "الأمة لن تتصف بالرشد إلا إذا استجابت لمنهج الله على الصعيد الثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي"، مشيراً بذلك إلى: "أن الرشد محصورٌ في إتباع منهج الله، والذي يمثله القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا)[1]".
ثم أشار سماحته إلى: "أن القيادة الرسالية التي تتصف بالرشد هي تلك القيادة التي تمتلك معرفة دقيقة بالوحي وبالواقع، وتتصدى لتطبيق قيم الرسالة على الواقع الخارجي".
ثم تحدث سماحة السيد خضر العوامي في خطبته الثانية عن: "أهمية القيادات والطلائع الرسالية والنخب المثقفة"، مشيراً إلى:"أن الإصلاح لا يمكن أن يولد خارج الإرادة الاجتماعية، والتي تتمثل في القيادات والطلائع والنخب، وأن الجمود في واقع المجتمع والأمة، وعدم انفراج كثير من الأزمات يكشف عن الحاجة الماسة إلى مزيد من القيادات والطلائع الرسالية والنخب، والتي ينبغي أن تتسم بالمعرفة بالوحي وبالواقع، وأن تنسجم مع طموحات المجتمع وآماله لئلا تكون هناك فجوة، وحتى تحضى القيادات والنخب بالاستجابة الاجتماعية".
رابط الخطبة:
عنوان الخطبة (1): الرشد طريق التكامل الحضاري
http://www.mediafire.com/?ji2qimy1mnn

عنوان الخطبة (2): القيادات والنخب أساس التغيير
http://www.mediafire.com/?ynuyzbyqn5w

كلهما:
http://www.mediafire.com/?rixrzjdwtel


[1] سورة الجن/ 1-2.





            (ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
            ( |  ~ {قرووب  البصيرة  الرسالية)  .  .  (للأخبار  والمواضيـع  الرسالية} ~  | )
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــ |(
            (
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )


لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:

http://groups.google.com/group/albaseera


ملحق ذا فائدة:

* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5902&post=19686&uid=36375794025#/group.php?gid=36375794025

* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب
على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/user/nwrass2009

*
لمشاهدة قناة العلامة النمر على الشيعة تيوب على هذا الرابط:
http://www.shiatube.net/NWRASS2009

* لتنزيل إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر والذي يحوي 1902 محاضرة:

http://www.4shared.com/dir/10157159/d7de52b5/sharing.html


24 أبريل 2009

محاضرة مكتوبة للعلامة النمر بعنوان: ‏(ضرورة القيادات الوسيطة)‏ ساهموا بنشرها معكم

ضرورة القيادات الوسيطة ([1])
http://albaseera.googlegroups.com/web/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE+%D9%86%D9%85%D8%B1+2.jpg?gda=XQ4qS2kAAAAaEI6q13t3NKEponfgG5OxBt8ZiDB6znfeFzHKaRp-3v1cAlMdLc44-2X6aAYGN489N4S1Arm1oYqKO6OvBYUF4VbzqlV5KKEUi66ZBxdSWdJfHDDFoQqagp2YjDRVIiyECKgQbmraGdxlZulaYnsh 
الاختلاف سنة الله في الكون
خلق الله سبحانه الكون قائماً على التعدد والاختلاف، فكان الاختلاف صبغة هذا الكون الفسيح وميزته التي تفصح بجلاء عن القدرة الإلهية، فأنى نظرت في هذا الكون الفسيح وجدت آيات القدرة الإلهية والعظمة الربانية تغمر كل أفق.
وقد جعل الله سبحانه الإنسان خليفته على هذا الكون الفسيح، وزوده بالطاقات والقدرات التي تؤهله إلى التصرف في هذا الكون وتمكنه من عمارته، بل إن الله سبحانه سخر الكون بما فيه الإنسان وجعله منقاداً إليه.
وسنة الاختلاف كما تجري في عالم الخليقة، كذلك هي تجري على الإنسان، فتجد أن كل ذات بشرية متمايزة عن غيرها على صعيد الشكل والصورة، وعلى صعيد الروح والعقل، فضلاً عن سائر القدرات والطاقات التي تتمايز فيها الذوات البشرية.
فالاختلاف سنة هذا الكون وصبغته، التي جعلها الله سبحانه من أجل تكامل الحياة وتحقيق متطلباتها، وحتى لا ينتج عن الاختلاف التناقض والتصادم والتضارب لا بد من وجود مركز يقوده ويوظف هذا التنوع الكوني الهائل بما يحقق الأهداف الكبرى من الخلق، وبما يتناغم مع مسيرة الكون المنقادة للإرادة الإلهية، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ).[2]
فمع أن الكون بما فيه من أفلاك وكواكب يجري في حركة شديدة السرعة، إلا أن النظام المحكم المهيمن على الكون أجمع هو الذي يحفظه من التصادم والتضارب.
والعلوم الطبيعية الحديثة كلما تقدمت خطوات في مسيرتها، كلما ازدادت إقراراً بجهلها عن معرفة كنه هذا الكون وإدراك أغواره وأسراره، وكان العلماء سابقاً يقولون بأن ما توصل إليه العلم لا يتجاوز 3% من حقائق الكون وأسرار نظامه العظيم، أما بقية الحقائق الكونية لم يتوصل إليها العلم البشري، وحينما ازداد العلماء علماً ازدادت مساحة المجهولات- في نظرهم- بشكل هائل، فقالوا بأن ما نعلمه هو مجرد واحد من خمسة عشر مليار، أما الباقي فهو ظلمات في ظلمات.
فهذا الكون العظيم الذي يكتنف مجموعة هائلة من الأسرار والحقائق التي لا زالت بعيدة عن متناول العلم البشري، إنما تحرك بانتظام دقيق ونسق ثابت لا يضطرب لأنه تحت سيطرة قيادات عالمة وحكيمة أوكل الله إليها إدارته وتسييس حركته، فالله سبحانه أوكل إلى الملائكة دور الإدارة والرقابة والرعاية لكل شيء في هذا الكون، وجعل بجانب كل ملك من الملائكة مجموعة كبيرة من الملائكة.
وحتى نوضح هذه الحقيقة الكبرى، نمثل لها ببعض تجلياتها الخارجية. الموت هو حركة في مسيرة الكون، فكل الكائنات تأتي إلى حيز الوجود والحياة ثم تموت، فكما أن الحياة حركة في مسيرة الكون كذلك الموت، والله سبحانه قد أوكل إلى (ملك الموت) مسؤولية إدارة قبض الأرواح، وزوده بمجموعة كبيرة من الملائكة الذين يقومون بتنفيذ عمليات قبض الأرواح وفق إدارة محكمة لا يعتريها الخلل، فتجد أن كل إنسان له أجل محدد لا يتأخر عنه ولا يتقدم، وهكذا تجد أنه في لحظة معينة الملائكة تقبض أرواح كثير من البشر وفق ميزان دقيق لا تعتريه شائبة النقص، فالموت وغيره من الحقائق الكثيرة التي تجري في حركة الكون ومسيرته، تجري بدقة وفق قيادة ملائكية تأتمر بأوامر إلهية بدون أي تناقض أو اختلاف.
بل إن ذات الإنسان يتضمن اختلافات كثيرة في داخل نفسه، بين تطلعاته وتوجهاته، وبين أفكاره ومشاعره النفسية، ولكن مع ذلك يمكن للإنسان أن يدير هذه الاختلافات المتعددة.

كيف تتجاوز المجتمعات الاختلافات؟
ومن هنا يبرز سؤال هام: كيف يمكن للإنسان أن يجمع شتات هذه الاختلافات الداخلية، وأن يحافظ على سلامة مسيرته ؟
الله سبحانه خلق الإنسان وأعطاه الحرية والقدرة على السيطرة وتطويع الحياة بأسرها بإرادته. (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا)[3] (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)[4] فالإنسان هو السيد الأول الذي وهبه الله زمام القيادة على هذا الكون بما فيه ومن فيه، والملائكة والذين أوكلهم الله للقيادة التكوينية لهذا الوجود مأمورون بالانصياع للإنسان والخضوع له، وهذه الحقيقة والتي تبرز في الأمر الإلهي للملائكة بالسجود لآدم ليست اعتباطية جزافية تعطى لكل أحد، وإنما هي خاضعة للمنهج الإلهي "عبدي طعني تكن مثلي أقل للشيء كن فيكون وتقول للشيء كن فيكون" ولكن يبرز السؤال الهام، كيف تبلغ المجتمعات طاعة الله، وتتمكن من تجاوز الاختلافات التي تعصف بالبشرية؟
إن الله سبحانه مكن المجتمعات من تجاوز الصدامات والتناقضات التي تخلفها الاختلافات البشرية من خلال نظام (القيادة الرسالية)، فالمجتمع الذي يسلم أموره إلى قيادة رسالية حكيمة تجعل من بصائر الوحي وقيم الرسالة منهجاً لها، تقل فيها الخلافات والتناقضات وتتقلص إلى أن تتلاشى. لكن بشرط أن تتمحور المجتمعات حول القيادة الرسالية، أما إذا تمردت المجتمعات على قيادتها الرسالية واستبدلت بصائر الوحي وقيم الرسالة بالأهواء والمصالح، فإنها هي المسؤولة عن صنع الخلافات والتناقضات.
وحينما نتأمل في طبيعة الإنسان وكينونته الفطرية نجد أنه في الوقت الذي هو مفطورٌ على القيادة، هو كذلك مفطورٌ على الانقياد، وهذه الحقيقة تبدو واضحة في الطفل، الذي تجد فيه روح القيادة على من هم في سنه من الأطفال، كما تجد روح الانقياد لمن هم أكبر منه وأعلم.
فروح القيادة والانقياد- وفق قيم الوحي- هي صمام الأمان والضمانة التي تحول بين المجتمعات وبين الخلافات والصراعات، أما التمرد على القيادات الرسالية التي تعمل على إقامة قيم الرسالة وتجسيدها في المجتمع هو السبب الذي يؤجج الصراعات والتناقضات والخلافات داخل المجتمع، ولهذا نقول وبكل وضوح: إن تحكيم القيم الرسالية من خلال القيادة الصالحة هو الذي يرفع الخلافات، أما حينما يسود التسلط وتحكم الرقاب بالسيف تكون الحروب وتبرز الخلافات والتوترات والصدامات، وهكذا حينما يتخلى أهل العلم عن مسؤوليتهم القيادية تتحكم الفوضى ويكون الخلاف والاضطراب سيد الموقف.
إن القيادة الصالحة هي التي ترفع الخلاف والاضطراب، وهذه الحقيقة تتجلى حتى في الأسرة، فالله سبحانه خلق في الرجل روح القيادة، كما خلق في المرأة روح الانقياد للرجل، فالرجل هو من يمتلك القيادة العليا للأسرة، وإن كانت المرأة قد تمارس أدواراً قيادية في داخل الأسرة. وإذا كان الرجل غير مؤهل لإدارة زمام البيت لفسقٍ أو لضعفٍ في أهليته، هنا سوف تخرج المرأة عن روح الانقياد وتتمرد على قيادة الرجل، فحتى ينقاد مَن مِن شأنه الانقياد، لا بد لصاحب القيادة أن يمارس قيادته عمليا وفعلياً على واقع الأرض.
إن استقامة الأمور والشؤون تكون من خلال الميزان الدقيق للقيادة والانقياد، ووضع كل منها في مجراه الصحيح، أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) كان في قمة الانقياد للرسول الأعظم (ص) في أيام حياته، وكان الشخص الأجدر لقيادة الأمة بعد وفاة الرسول الأعظم (ص)، حيث وضع الأمير (ع) روح القيادة في مجراها الصحيح، وكذا روح الانقياد، إلا أن تمرد الأمة على قيادة الأمير (ع) هو الذي أفسد الأمور حتى أصيبت الأمة بأمراض التخلف التي لا تزال آثارها مستعصية على الحل حتى يومنا هذا.
 فاسترجاع الدور القيادي للأمة مشروط بانقيادها لقيادتها الحقة، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)[5] فالأمة حتى تكون شاهدة وقائدة على الأمم الأخرى لا بد لها أن تنقاد لقيادة الرسول الأعظم (ص).

الفارق بين القيادات الحقة والقيادات المزيفة:
وهنا لا بد أن نفرق بين القيادة وبين التزعم والتسلط، فالقيادة هي التي تجعل القيم محوراً لحركتها، أما من يريد التزعم والتسلط فهو يجعل ذاته ومصالحه محوراً للحركة، بل قد لا يمتنع من يريد الزعامة والتسلط من الصعود على أكتاف البشر وجماجمهم من أجل الوصول إلى مصالحه الشخصية.
وهذا ما نجده عند الطغاة والمستكبرين حيث نجد أنهم يجعلون الشعب وما فيه من خيرات وثروات مطية من أجل المحافظة على الكرسي والمصالح الشخصية. ولهذا يقول الإمام علي (ع): " ولكن آسى أن يلي هذه الأمة سفهاءهم وفجارهم فيتخذوا أموال الله دولا وعباد الله خولا والصالحين حرباً" وهذا هو حال كل القيادات المزيفة، وزعماء المصالح، أما قيادة الحق، فهي التي تبذل روحها رخيصة، وتبقى قيم الرسالة، كما كان منطق أبي عبد الله الحسين (ع):" إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني" .
إن قيادة الحق تتحرك من خلال القيم لا من خلال الذات، ولهذا تراها تخرج الكفاءات وتربي الأجيال، وتبذل روحها رخيصة من أجل قيم الرسالة، أما القيادات المزيفة وزعماء المصالح فذاتهم هي المحور لا قيم الرسالة، ولهذا تراهم يجعلون من الناس وقوداً لمصالحهم.
 إن التطلع إلى قيادة الأمة، والتي تعضده الآية القرآنية (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[6] أمرٌ مطلوب وطموح مشروع، ولكن القيادة لها مواصفات وسمات، والتي يشير إليها القرآن الكريم تحت عنوان (عباد الرحمن) والتي تشير إليها آيات قرآنية أخرى، مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ)[7] وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ)[8]فالقيادات الرسالية هي من تقوم لله وتتحرك من أجل إقامة العدالة وسائر قيم الرسالة.
ومن مميزات التشريع الإسلامي وخصائصه الفريدة أنه يخرج القيادات الرسالية والكفاءات، وبهذا تتمكن الأمة الإسلامية من قيادة بقية الأمم، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)[9] فالأمة الذي تمتلك القيادات الرسالية القادرة على مواجهة سائر صنوف التحديات السياسية والاجتماعية والثقافية لا يمكن أن تهزم، بل إن حالة التخلف التي تعيشها الأمم ليست إلا نتيجة لقلة القيادات، فالأمة إنما تتخلف وتتأخر عن المسيرة الحضارية إذا شحت فيها القيادات المخلصة التي تنهض بالأمة إلى آفاق الحضارة والتقدم.
ولأن الشخصيات القيادية في داخل المجتمع الإيماني متفاوتة فيما بينها من حيث الكفاءة القيادية لزم انقياد من هو أدنى لمن هو أعلى، أي أن كل شخصية قيادية لها دائرتها التي تمارس فيها القيادة، كما أن لها دائرتها التي تمارس فيها الانقياد، وهكذا تنتظم شؤون القيادة والانقياد في مساراتها الصحيحة والطبيعية، فأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) وهو القيادة الإلهية على الأمة الإسلامية عين مالك الأشتر ليكون قيادة على مصر، فكان مالك الأشتر ينقاد لقيادة أمير المؤمنين (ع) من جهة، ويمارس دوره القيادي من جهة أخرى.

خصال القيادة الرسالية:
ومن الضروري جداً أن نقف على خصال القيادة الرسالية، حتى نتمكن من السير قدماً، لنكون قيادات رسالية صالحة، وهنا نذكر ثلاث خصال ضرورية للقيادة:
الخصلة الأولى: القدرة على توليد الأفكار:
فالقيادة تحتاج إلى فكر ناضج قادر على تلبية متطلبات الساحة المختلفة. فالساحة قد تعصف بها أمواج من المشاكل والأزمات السياسية والاجتماعية والثقافية، وعلاج هذه المشاكل والأزمات بحاجة إلى قيادة رشيدة قادرة على توليد الأفكار التي تعالج المشاكل المعاصرة.
قال تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)[10] فالقرآن الكريم كتاب هدى وبصائر تنير الحياة، لكن القيادة الرسالية هي التي تمتلك القدرة والكفاءة في انتخاب الأحسن. كما يقول تعالى: (فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا) [11] ولهذا من الخصال الأساسية للقيادة القدرة على توليد الفكر الرسالي الذي يتلائم مع متطلبات الساحة، أما من يفتقر إلى الفكر والقدرة على توليد الأفكار فليس جديراً أن يكون قائداً، لأن قيادة الواقع بحاجة إلى فكر وعلم. بل حتى الأمم، الأمم التي تقود العالم وتنقاد لها الأمم الأخرى هي الأمم المفكرة، أما الأمم التي تعيش حالة من الجمود والتكلس الفكري، فلا ريب أنها سوف تنقاد لبقية الأمم، وستصبح في آخر الركب، كما هو شأن الأمة الإسلامية اليوم.
الخصلة الثانية: القدرة على تشخيص الواقع:
إن القيادة الرسالية لا تعيش في بطون الكتب وإنما تعيش عصرها وواقعها وزمانها، لأن قيادة الواقع تحتاج إلى معاصرة، فالواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي يعج بالتحديات، والقيادة لا يمكن لها أن تتحمل مسؤوليتها في تغيير الواقع ما لم تكن مطلعة عليه، قادرة على تشخيص ما فيه من مشاكل وأزمات، وقادرة على وضع العلاج المناسب لها بما يسعها من قدرات وإمكانيات، فـ "العارف بزمانه لا تهجم عليه اللوابس" .
ومن لا يعيش عصره حتى وإن امتلك قدرة على التفكير والتنظير، لن يتمكن من قيادة الواقع وملامسة ما فيه من مشاكل وأزمات، بل سوف يعيش مشاكل الماضي والتاريخ الغابر، ولهذا فإن القيادة لا بد أن تكون عارفة بدهاليز السياسة وألاعيب الاقتصاد حتى تكون جديرة بقيادة الأمة.
الخصلة الثالثة: القدرة على التصدي للواقع بما يطبق القيم التي تتناسب وواقع اليوم:
حيث أن الساحة الثقافية تعج بالآراء والنظريات، وحتى تتمكن القيادة من معالجة الواقع هي بحاجة إلى انتخاب ما يناسب الواقع (إتباع الأحسن) والتصدي لتطبيقه في الخارج، وهذا الأمر بحاجة إلى تشخيص الواقع وانتخاب ما يناسبه، حتى يتمكن من التصدي لتطبيقه في الخارج، ولعل البعض قد ينكفئ عن تطبيق بعض القيم التي تناسب الواقع لإحجام الواقع عنها وتكلسه على بعض الأعراف البالية فترة طويلة من الزمن، وهنا يبرز دور القيادة الرسالية في المبادرة والتصدي لمعالجة الواقع بما يناسبه من القيم.
        وفي ختام الكلام نؤكد على حاجة الواقع الخارجي للقيادات الرسالية التي تنهض بالمجتمع، والتي تتصف بخصال القيادة القادرة على التصدي لمختلف المشاكل والأزمات التي يمر بها المجتمع، وتمر بها الأمة.


[1]) من محاضرات القيمة، لسماحة العلامة الحجة المجاهد الشيخ نمر باقر النمر(أدام الله عزه)
[2]) سورة الأنبياء، 33
[3]) سورة الجاثية، 13
[4]) سورة البقرة، 30
[5]) سورة البقرة، 143
[6]) سورة الفرقان، 74.
[7]) سورة النساء، 135.
[8]) سورة المائدة، 8.
[9]) سورة البقرة، 143.
[10]) سورة الزمر، 18.
[11]) سورة الأعراف، 145.







            (ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
            ( |  ~ {قرووب  البصيرة  الرسالية)  .  .  (للأخبار  والمواضيـع  الرسالية} ~  | )
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــ |(
            (
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )


لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:

http://groups.google.com/group/albaseera


ملحق ذا فائدة:

* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5902&post=19686&uid=36375794025#/group.php?gid=36375794025

* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب
على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/user/nwrass2009

*
لمشاهدة قناة العلامة النمر على الشيعة تيوب على هذا الرابط:
http://www.shiatube.net/NWRASS2009

* لتنزيل إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر والذي يحوي 1902 محاضرة:

http://www.4shared.com/dir/10157159/d7de52b5/sharing.html