السلام عليكم ورحمة الله

نرحب بكم معنا في مدونة البصيرة الرسالية التي نحتفظ بنسخة من رسائلنا المرسلة على قروبنا (البصيرة الرسالية).

تنويه:-

1- من يرغب أن تصله رسائلنا على بريده ليشترك عبر هذا الرابط:

http://groups.google.com/group/albaseera/subscribe

وتأكيد اجراءات الاشتراك من الرابط.

2- لمشاهدة المواضيع السابقة تجدونها مفروزة على حسب أيام الإرسال وذلك من خيار: (أرشيف المدونة الإلكترونية) بالجانب الأيمن من الصفحة.

3- نظراً لطول بعض المواضيع هنا مما يجعل الصفحة طويلة للقارئ سنلجأ إلى وضع جزء من الموضوع وقراءتكم لباقي الموضوع في نهايته بالضغط على الزر الموجه في آخر الجزء المرفق.

ونأمل لكم الفائدة معنا..

30 يناير 2010

تقرير خبري: ‏(السعيد: يستنكر البيان المناصر للعريفي ويطالب بموقف يجرم الطائفية)‏+روابط الخطبتين_ساهموا بنشره معكم



بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قبل إيراد التقرير الخبري نردف رابطين لخطبتي الجمعة بتاريخ 14-2-1431 هـ لمن أحب أن يستمعهما والاستفادة أكثر وهما (بصيغة MP3) كالتالي:
1- العصبية الطائفية: التكفير إنموذجاً
2- الإمام الرضا (ع) بين المثالية والواقعية السياسية 

السعيد: يستنكر البيان المناصر للعريفي ويطالب بموقف يجرم الطائفية
http://albaseera.googlegroups.com/web/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE+%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3+4.JPG?gda=GpRt0G8AAADBbJUEfi76RbqLicTF9wq3vue8Yf7b8pSuncwLuZ9fTv1cAlMdLc44-2X6aAYGN4_uLZ7wEnSYFUjnV5Waql_fikiJUDOEFfnc4Fx1sSa5YgL7bNCEV1N63UQ3AOCWwj2ccyFKn-rNKC-d1pM_IdV0&gsc=NLmIkgsAAAAaSNBFsOW4WXX_V6fO54ti
استنكر إمام وخطيب جامع الإمام الحسين بالعوامية الشيخ عباس السعيد في خطبة الجمعة البيان الطائفي المسيء والمناصر للداعية المتشدد العريفي، مطالباً قادة وعقلاء الأمة بموقفٍ واضحٍ لا لبس فيه في تجريم العصبية الطائفية التي لا تخدم إلا أعداء الأمة.
وقد أشار السعيد إلى أن العصبية الطائفية أصبحت تتموج عقائدياً وثقافياً وإعلامياً بشكل رهيب غير مسبوق، مشدداً على التجييش الإعلامي الطائفي البغيض المُتحلل من القيم والمبادئ الذي صار يملأ صفحات الانترنت، الأمر الذي ينشر الضغائن والأحقاد ويهدد الوحدة ويشغل الأمة بالمهاترات بدلاً من مواجهة التحديات الحضارية.
وفي سياق بيانه لما تخلفه العصبية الطائفية والعقدية من آثارٍ سلبية أضاف السعيد بأن القرآن الكريم لم يغفل عن هذه الظاهرة الخطيرة التي تدمر الأديان والتفكير الإنساني، مبيناً إلى أنهاتؤدي إلى الحمية الجاهلية والكذب والتكذيب وتصرف أهلها عن قبول الحق وتحملهم على الظلم والعدوان والإساءة وإتباع سبيل الغي بدلاً من الرشد؛ كما أشارت لذلك آيات الذكر.
وفي سياق وقوفه عند البيان المناصر والمؤيد للمتشدد العريفي استنكر السعيد الدعاوى والافتراءات التي تضمنها البيان؛ مشيراً إلى أن الإدعاء حيلة العاجز، وأن الذي يعيش الهزيمة الفكرية هو من يلجأ إلى إطلاق الدعاوى الفارغة من أجل إمرارها على البسطاء، على حد وصفه.
وفي ذات السياق استنكر السعيد رمي الآخرين بعيب الذات، رافضاً اتهام علماء الإمامية بالتكفير، مبيناً أنه مع أن الاختلافات العقدية بين الإمامية وبين غيرهم أمرٌ قائم إلا أن منهج علماء الإمامية هو الوسطية والاعتدال وليس التعطش إلى التكفير.
واعتبر السعيد أن التأييد للإساءات الطائفية التي وجهها العريفي بمثابة "صب الزيت على النار" مبيناُ أن التوتر والاحتقان الطائفي يعالج بالحكمة والتوازن والاعتدال، وليس بالتأكيد على لغة التكفير والكراهية ومزيدٍ من الشحن الطائفي والمذهبي.
وقد أكد السعيد بأن من يراجع تاريخ التوترات الطائفية يدرك دور مراجع الإمامية وعلمائها في حفظ الأمة من الانزلاق في نار الطائفية البغيضة، مضيفاً بأن الحملات الطائفية التي يوجهها متشددون لن تنال من مقام سماحة المرجع الكبير آية الله السيد السيستاني، مذكراًبتكفير الخوارج لأمير المؤمنين الإمام علي (ع)، وملفتاً إلى من يدعي الدفاع عن الإسلام، فليتوجه إلى الأعداء الحقيقيين للأمة الإسلامية.
وفي ختام كلامه طالب الشيخ السعيد قادة وعقلاء الأمة بتجريم الطائفية والوقوف أمام العصبية الطائفية التي تثير الصراعات والنعرات، مؤكداً بأن السكوت وعدم المعاقبة هو ما يدفع هؤلاء للتمادي في منهجهم الذي يهدد وحدة الأمة.
يأتي هذا الخطاب على خلفية بيان أصدره رجال دين تكفيريون لمناصرة العريفي الذي وجه خطاباً أساء لسماحة للمرجع الكبير السيد السيستاني، واتهم الطائفة الشيعية بـ" المجوسية!".


            (ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
            ( |  ~ {قرووب  البصيرة  الرسالية)  .  .  (للأخبار  والمواضيـع  الرسالية} ~  | )
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــ |(
            (
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )


لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:

http://groups.google.com/group/albaseera


ملحق ذا فائدة:

* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5902&post=19686&uid=36375794025#/group.php?gid=36375794025

* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب
على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/user/nwrass2009

*
لمشاهدة قناة العلامة النمر على الشيعة تيوب على هذا الرابط:
http://www.shiatube.net/NWRASS2009

* لتنزيل إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر والذي يحوي 1902 محاضرة:

http://www.4shared.com/dir/10157159/d7de52b5/sharing.html


29 يناير 2010

بيان الأربعين: ‏(يداً واحدة لبناء المجتمع الحسيني)‏ للمرجع المدرسي_ساهموا بنشره معكم



عنوان البيان:
يداً واحدة لبناء المجتمع الحسيني
نص بيان سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دام ظله
بمناسبة ذكرى أربعين السبط الشهيد الإمام أبي عبدالله الحسين علیه السلام (عام 1431هـ)
http://albaseera.googlegroups.com/web/%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AC%D8%B9+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%B3%D9%8A+1430+%D9%87%D9%80.jpg?gda=cDZXaLAAAADBbJUEfi76RbqLicTF9wq3vtipzM65zeXyRVm0gLNFkzRQno536sR_ZWfNHc7d41DXWB-I6IXnxGDL88kRSoIcXPfqVe5eST_bjfcZkjDOWnbMvMj73f6ua4DnV_RrT-Ta_BTMmYIbXXDdzz_KsvvdYyNHcUiz81BQrZ9SuH5OFHOFT9eg2vkW2l1UG9poUE-SnbwngkvBAm9SE0D-AVNNbcVT3VtYGKLco-_l-8AzjQ
 اللهم صلِّ وسلِّم وزد وبارك على محمد المصطفى وآله الأطايب، كما صلَّيْتَ وباركتَ على إبراهيم وآل إبراهيم، وصلِّ على الأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين عليه السلام.
السلام على شيعته والسائرين على خطاه أبد الآبدين.
السلام على الزائرين لمرقد السبط الشهيد ورحمة الله وبركاته.

أيّها الموالون الكرام!
نحن وإيّاكم نزور اليوم مرقد سيّد الشهداء عليه السلام، لكي نسير على دربه ونجدِّد له عقد الولاء وعهد الإباء، آملين في إتباع نهجه الربّاني في حياتنا الدنيا ونيل شفاعته في يوم الجزاء.
إنكم – يا شيعة علي والحسين عليهما السلام- قد وُفِّقتم لاجتياز أكبر إمتحان بامتياز حين عزمتم أن تكونوا مع السبط الشهيد، وتسجّلوا أسماءَكم في ديوان مواليه، بل وأنصاره إن شاء الله تعالى.
ولكن بقيت علينا مرحلة ذات أهميّة نأمل أن يوفّقنا الله سبحانه لتحقيقها، لنحظى بالمزيد من بركات الإمام الحسين عليه السلام.. تلك مرحلة بناء مجتمعنا على أساس نهج السبط الشهيد، ويومئذٍ نضحى إن شاء الله في كهفٍ حصين من شدائد الدنيا، ونكون في أمان من فتن الزمان بإذن الله تعالى.
إنّ المجتمع الحسيني المنشود يقوم على أسس راسخة، فما هي أسس هذا البنيان الميمون؟ وكيف نوفَّق لإرسائه تحت راية الإمام الحسين عليه السلام، ونعود من هذه الزيارة ومعنا صكّ الأمان من مشاكل الزمان؟

إرادةٌ صلبة وعزمٌ لا يلين
إننا قَدِمنا إلى كربلاء حيث تعبق منها رائحة الشهادة الزكيّة، وحيث لا يزال يدوّي في أرجائها صوت الإمام الشهيد: هل من ناصر ينصرني، وحيث تتجاوب من أطرافها أصداء: هيهات منّا الذلّة، وحيث يهتف الملايين وبصوت واحد: لبّيك داعي الله.
جئنا هنا ليجعل ربّنا عزائمنا شديدة فنقتدي بأنصار الحسين عليه السلام، بكل ما مثّلوه من قيم البطولة والوفاء، وليوفِّقنا ربنا لنكون صفّاً من الأبطال الأشدّاء الآخذين بثار السبط الشهيد ونحن نهتف عالياً: يا لثارات الحسين، ونقولها أبداً ودائماً: أبد والله لا ننسى حسيناً.
أوليس الإمام الحسين عليه السلام: ثار الله وابن ثاره، والوتر الموتور؟ أولسنا نقولها لأنصاره الشهداء أبداً: يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً؟
تعالوا إذاً نقتبس من شعاع كربلاء عزماً راسخاً، وإرادة صلبة، واستقامة على نهج الدين الحنيف الذي من أجله أعطى الإمام الحسين عليه السلام كل ما ملكت يمينه.

تزكية النفس من وساوس الشيطان
إنّ الوساوس التي يلقيها دائماً شياطين الجن والإنس في المجتمع، هي من عمل إبليس، وهي تمنع تقدّمنا، وتحجب بصائرنا، وتُقيِّد أيدينا. فترى البعض يلقي اللوم أبداً ودائماً على الآخرين وكأنّه يريد أن يبرّئ نفسه ويجرّدها عن مسؤوليّاتها، ولكن هل نفعت هذه الوساوس أمةً أم زادتها ضراراً؟ فهل مقولة اليهود في الباري عز وجل بأنّ يد الله مغلولة نفعتهم أم غُلَّت أيديهم ولُعنوا بما قالوا؟ كلا، فيد الله مبسوطة، وإنما هم الذي رانت هذه المقولة السخيفة على قلوبهم وقيَّدت حركتهم وأنهت نهضتهم وهكذا الذين يبثّون وساوس القنوط وينشرون إفك التهم على هذا وذاك دون أن يتذكّروا إنّ النهضة من مسؤولية الجميع، وإنّ توزيع الإتّهامات لا يجدي نفعاً، وإنّ نهج السبط الشهيد هو أن نقوم جميعاً بتحمّل المسؤولية بكل صبر واستقامة.
إنّ المسيرة المليونية إلى مرقد الإمام الحسين عليه السلام، والتي يقوم بها الوالهون بحب السبط الشهيد، إنّما هي مسيرة الإصلاح، وإنّ كل واحدٍ منهم يجد نفسه في قمّة الوعي وعنفوان المسؤولية حينما ينخرط في هذه المسيرة الالهيّة إتّباعاً لنهج الإمام عليه السلام.
إننا اليوم نقول للعالَم، وبهذه المسيرات العظيمة، بأننا حسينيّون حقّاً، وإن هدفنا النهائي إنما هو بناء مجتمعٍ حسيني بكل معنى الكلمة.

أيها الأخوة المؤمنون!
إنّ المجتمع الحسيني مجتمع إلهي ذات قواعد ثابتة ورصينة، نتذكّرها معاً فيما يلي:

1- الإمامة ركيزة المجتمع الحسيني
إنّ المجتمع الحسيني هوتجمّع الإمامة، لأنّ الإمام في المجتمع الحسيني هوالقائد الأعلى، والقدوة في الفضائل، والكهف في الشدائد، ووسيلة إستجابة الدعاء، والشفيع في يوم الجزاء، وهذه القيمة تستمر وتتجدد. كيف لأنّ الإمام الحسين وجدّه وأباه وأمه وأخاه والأئمة المعصومين من ذريّته، عليهم جميعاً صلوات الله، هم الميزان الحق لمعرفة القائد الربّاني في كل زمان، فمن كان على خطاهم، وتابعاً لكلماتهم، ومطيعاً لهم، وعاملاً بنهجهم، فهو الذي يلتفّ حوله أبناء المجتمع الحسيني، فنحن إذ لم ندرك الإمام الحسين عليه السلام مباشرةً، فإننا نتّبع من يكون على نهجه تماماً.

2- الطهر عنوان المجتمع الحسيني
حينما نقف أمام مرقد السبط الشهيد سلام الله عليه ونقول – بكل ثقة-: أشهد أنك طُهْرٌ طاهرٌ مِنْ طُهرٍ طاهرٍ، قد طَهُرَت بك البلاد، وطَهُرَت أرضٌ أنت فيها.فإننا نؤمن بأن الإمام الحسين رافد عظيم يطهر من غاص فيه. فزيارته تجعل الوافد إليه مطهَّراً من الذنوب بشفاعته، وإنم البكاء عليه وسيلة لخشوع القلب، وزكاة النفس، وطهارتها من أدران العصبية الجاهلية والحقد والحسد والكبر والغرور، وهكذا كانت مجالس السبط الشهيد على امتداد التاريخ وسيلة الدعوة إلى الله، وإلى الوعظ والإرشاد. وكانت أكبر مؤثِّر في إصلاح النفوس وتزكيتها، ولعل هذا بعض الأسباب التي من أجلها ندب الدين الحنيف للبكاء عليه وجاء في حديث مأثور عن الإمام الرضا عليه السلام:
 " من تذكّر مصابنا فبكى وأبكى لم تبكِ عينه يوم تبكي العيون".
وهكذا كان علينا، أن نجاهد أنفسنا بكل عزم حتى نطهِّر ها من كل الفواحش، وذلك عند وفودنا إلى مرقد أمامنا الطاهر المطهَّر. هنا بالذّات عند ذلك الضريح الذي يسمو في أرجائه عطر التوبة وروح التقوى. هنا حيث تتسامى أرواحنا إلى حيث أرواح الأنبياء والصديقين والملائكة الطائفين حول ضريحه الشريف،فإذا بها نقيّة من كل غلّ.
تعالوا يا زائري الحسين عليه السلام إلى حمل هدية عظيمة من وفادتكم إليه. وهل هناك هدية أسمى من الخُلُق الطيّب، وطهارة القلب، وزكاة النفس، وسموّ الروح.. إنها حقاً أغلى وأغنى هدية يحملها كل واحدٍ منّا إلى بلاده، حيث أنه يعود وفيه من السبط الشهيد عطرٌ فوّاح من الخُلُق المحمدي العظيم.

3- التربية الصالحة في مدرسة السبط
ألا فكرتَ أيها الموالي الكريم لماذا حمل الإمام الحسين عليه السلام معه إلى الطف أطفاله وفيهم الرضيع، فدخلوا معه إلى ساحة المعركة؟ وما هو سرّ شهادة الطفل الرضيع في معركة الطف؟ وماذا كان دور الصغار في ركب السبايا؟
بلى إنّ اولئك الطاهرين من ذرية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كانوا معلمين كباراً للأجيال الواعدة. بلى أولئك الأطفال كانوا مثلاً للتربية الصالحة.
إنك حين تجد شبلاً يافعاً مثل القاسم بن الحسن سلام الله عليهما بتلك البطولة النادرة، أو شاباً شهماً يقول عنه والده الإمام الحسين عليه السلام إنك أشبه الناس برسول الله خلقاً وخلقاً ومنطقاً، وهو الشهيد علي الأكبر سلام الله عليه، لابد أن تبحث عن المنهج التربوي الذي صاغ شخصية مثل اولئك الرجال، بلى إنّ ذلك المنهج هو مدرسة المجتمع الحسيني. أفلا نتبعه ليكون ابناؤنا بإذن الله تعالى في خط ذرية رسول الله؟
لقد كان آل البيت عليهم السلام يبادرون في تنشأة أبنائهم على حبّ الله ورسوله، وحبّ القرآن، وحبّ العمل الصالح، والزهد في الدنيا، والتطلع إلى درجات الآخرة. كانوا يكرمونهم منذ نعومة أظفارهم، ويزرعون في نفوسهم شيم الإباء، وقيم العدالة والحرية، وروح البطولة وتحمل المسؤولية، أفلا نتعلم منهم؟ أولا نحب أن يكون ذرياتنا قرة أعين لنا في حياتنا وأيضاً الخلف الصالح بعد وفاتنا؟.
تعالوا نجعل بيوتنا كبيوت أهل البيت، بأن نعمرها بذكر الله والخلق الطيّب، حتى تصبح عرين الأسود المدافعين عن حرم الله، ولتكون مدرسة القيم المثلى.
 تعالي أنتِ أيتها الزائرة الكريمة إلى مدرسة الصديقة فاطمة الزهراء، والسيدة العظيمة زينب الكبرى، والبطلة الكريمة أم البنين، هذه القدوات الصالحة اللاتي صاغ الله على أيديهن أفضل الرجال وأطهر النساء، لتجعلي بيتك مثل بيوتهم.
وأنتَ أيها الأخ الزائر، عليك أن تحترم سيدة البيت زوجتك بأسمى قدر ممكن، لتكون حاضنةً لأفضل الأبناء لك، إن كنتَ في خط أهل البيت عليهم السلام، وأنت كذلك إن شاء الله تعالى، وإنّ أيّة إهانة لها أو لأبنائها تحطّم أسس الكرامة في البيت، وتنعكس سلباً على الجيل الواعد.
إنّ المجتمع الحسيني تسوده الكرامة الإنسانية، ومناهضة كل أشكال الذلّ والهوان، أَوَ لم يقل سيدنا أبو عبد الله الحسين عليه السلام:
ألا وإنّ الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين الذلة والسلة، وهيهات منا الذلة.
ثمَّ أضاف الإمام ببيان أنّ ركائز العزّة الإلهية تعود إلى بناء البيوت السامية، والجدود الطيبة، والحجور الطاهرة، فقال عليه السلام:
يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون، وجدود طابت، وحجور طَهُرَت، وأنوف حميّة، ونفوس أبيّة، لا تُؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.
فالإسلام دين الله، وهو دين العزّة، والرسول نبي كريم، وهكذا الحجور الطاهرة التي كانت مزرعة الكرامة، فكانت كما التربة الطيبة تنبت منها الذريّة الطاهرة.
وهكذا – أيها المؤمنون – يسمو المجتمع الحسيني على ركائز الكرامة، والعزة، واحترام النفس، واحترام الآخرين.

4- المجتمع الحسيني بنيان مرصوص
وكما البنيان المرصوص الذي يشدّ بعضه بعضاً، يتماسك أبناء المجتمع الحسيني مع بعضهم في إطار هيئات دينية ناهضة، ومؤسسات حضارية فاعلة، وتجمعات أسرية وعشائرية مجيدة.
الإمام الحسين عليه السلام راية وحدة، ومحور تعاون، ووسيلة تماسك.. ألا ترى كيف أنّ مواليه الكرام يحبّون بعضهم، ويقدمون لبعضهم كل الخدمات الممكنة، لاسيّما في هذه المسيرات المباركة؟.
وحينما يكون كل مؤمن قد زكت نفسه بولايته عليه السلام، وطابت من أدران العصبية، وسمت إلى حيث يحترم الآخرين، آنئذٍ ينصهر المؤمنون جميعاً في بوتقة الولاية، ويوحِّدون أنفسهم تحت راية العزّة الحسينية لمكافحة الأعداء ولمواجهة الصعاب ولتحقيق الأهداف السامية التي من أجلها نهض السبط الشهيد.
 إنني حين أجدكم – أيها الزائرون – كيف تتعاونون وأنتم في سبيل زيارة الإمام عليه السلام، أقول: يا رب كيف لو انتشرت هذه الأخلاق الحسينية الطيبة في كل جوانب حياتنا ودوماً وفي كل مكان؟.
حقاً حينما ترفرف راية السبط عليه السلام على مؤسساتنا الأسرية والعشائرية، والهيئات الدينية، والتجمعات الخدمية، فإنّ بلادنا سوف تتقدم بإذن الله تعالى وفي كل الحقول.

أخي الزائر!
حينما تعود من أرض كربلاء، حيث تَطَهَّرَتْ نفسُك في رافد التوبة عند مزار سيد الشهداء عليه السلام، بادر للمساهمة في بناء مستقبل بلادك بتأسيس هيئة حسينية تهتم بكل ما أمر به الدين وضحّى من أجله الأنبياء والأوصياء والشهداء عبر التاريخ وفي طليعتهم شهداء عاشوراء، مِن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإصلاح المجتمع والإحسان إلى الآخرين. أمّا إذا كانت هناك هيئة قائمة فليكن إنتماؤك إليها دليل قبول زيارتك وتسجيل إسمك في قائمة أنصار الحسين عليه السلام.

5- روح النهضة صبغة المجتمع الحسيني
قبل ملحمة كربلاء كان المنطق السائد في كثير من أبناء الأمة يتّسم بالخمول والهروب من المسؤولية، ولكن حينما اُريقت دماء آل البيت في أرض الطف تدفقت تلك الدماء في شرايين الأمة، فإذا بهم يحملون أنفسهم على الأكف، ولا يأبهون بالموت إنتصاراً للحق، وهكذا وحتى اليوم كلما أصابنا ضَعفٌ تذكرنا واقعة الطف، فدبَّت في أنفسنا روح العزم، وانتشت نفوسنا بالبطولة والتحدي.
بلى إن من أبرز سمات المجتمع الحسيني الصبر، والإستقامة، وروح المسؤولية، وإرادة الإصلاح، وبطولة التحدي للصعاب.

6- المجتمع الحسيني ومسيرة الإصلاح
 لقد كانت ملحمة الطف قوة دفع هائلة في مسيرة الإصلاح في أمة النبي العظيم.. تلك الأمة التي يصفها الكتاب بأنها خير أمة اُخرجت للناس، أو ليست تتميّز بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال سبحانه:
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ)
وقال تعالى:
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ)
ولازالت عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام عند الموالين لأهل البيت راية خفاقة للمصلحين، ومدرسة مباركة لتلك الأمّة الصالحة.
وأنتم يا أيها الوافدون إلى مرقده الشريف، طلائع اولئك المصلحين لأنكم تقتبسون من مرقده الشريف عزماً راسخاًً لمواجهة الفساد بكل أشكاله.

أيّها الأخوة!
إنّ أيّ مجتمعٍ إنساني لا ينهار دفعة واحدة، وإنما يزداد فيه الفساد شيئاً فشيئاً حتى يحيط به ويقضي عليه، فإذا بادر المصلحون بمواجهة الفساد أوّل ماينتشر وقبل أن يستفحل أمره، فإنّ المجتمع سيبقى بإذن الله، وإنّما بقيت الأمة الإسلامية بعيدة عن مثل ذلك العذاب المدمِّر الذي نزل بساحة عاد وثمود والمؤتفكة وقوم نوح وغيرهم لأنّه كان في هذه الأمة دائماً مصلحون إستلهموا من قيم الدين وقيام السبط الشهيد عليه السلام روحاً وثّابة، فكافحوا الفساد ونشروا الفضيلة. وهكذا نحن اليوم سوف نجعل الإصلاح نصب أعيننا إتّباعاً لنهج اولئك، ويقوم كلٌ بقدر ما يستطيع من الإصلاح، كما قال ربنا سبحانه على لسان شعيب عليه السلام:(إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ).
وهكذا سوف نجعل ببركة سيد الشهداء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قائمة أولويّاتنا، سواء بصورة فردية أو عبر الهيئات العامة التي تهدف الإصلاح قدر المستطاع.

7- بناء الدولة في المجتمع الحسيني
أيها الأخوة الكرام!
إننا نعاني من مخلّفات نظام فاسد في الثقافة العامة لإدارة الدولة، وفي كثير من القوانين التي لا تنسجم مع الدستور، والبعيدة عن احكام الشريعة وعن مبادئ الحريّة. وإنّما بالعمل الجدّي ومن قِبَل جميع أبناء الأمة نرجو أن يوفقنا الله سبحانه لإصلاحها. فعلينا أن نستلهم روح الصبر والإستقامة من الإمام الحسين عليه السلام الذي أسّس بنهضته المباركة لأعظم مسيرة إصلاحية، حتى جعله الله سبحانه مصباح هدى وسفينة نجاة، لنستلهم تلك الروح من أجل المثابرة في إصلاح أجهزة الدولة:
أولاً: بنشر ثقافة الخدمة بين المنتسبين، ومحاربة الرشوة والفساد، وتجاوز الروتين القاتل في تمشية معاملات الناس بيسر وسرعة.
ثانياً: بإصلاح كافّة المنتسبين إلى الدوائر الرسميّة وإسداء النُصح إليهم بالتي هي أحسن، وإذا لم تنفع النصيحة – لاسمح الله- باستبدالهم بأفضل منهم، وهكذا بتشجيع الصالحين منهم بكل وسيلة ممكنة.
ثالثاً: بالتوصية للمجالس المنتَخَبة، سواء الوطنيّة أو المحليّة، لكي يستبدلوا القوانين بأفضل منها، حتى تتحرك عجلة التنمية، ويعم الرفاه الجميع إن شاء الله تعالى.

 8- إصلاح ذات البين في المجتمع الحسيني
لقد ابتُلي شعبنا بعد سقوط النظام الطاغي بالنزاعات المختلفة، وعلينا أن نسعى جاهدين لتحويل هذه النزاعات المدمِّرة إلى تنافس بنّاء على المكرمات، وتسابق إيجابي نحو الخيرات، وليكن ميدان الخدمة العامة هو الفيصل بين الإدّعاء والحقيقة.
قولوا لمن يدّعي أنّه الأفضل: تعال وأثبت إدّعاءَك بالعمل الصالح وفي ساحة الإنجاز.
والنزاعات الحادّة قد تبدأ صغيرة، ولكنها تنتهي – لا سمح الله – إلى إراقة الدماء، فليكن عزمنا إصلاحها منذ البدء. علينا أن لا نستمع للأصوات الشاذّة التي تنال من هذا وذاك بلا دليل، وأن نواجه من يتّهم الآخرين بالكلمة الرادعة، فإمّا أن يُثبت دعواه بالبرهان القاطع، أو يسكت، وإلا فإنّه قاذف.

أيها الأخوة المؤمنون!
إنّ راية السبط الشهيد ترفرف على رؤوسنا، وتوحِّد صفوفنا، والعلماء الذي يمثِّلونه يفضّون نزاعاتنا، والقيم المُثلى التي جاء بها القرآن تزكي نفوسنا، فلماذا الإختلاف؟ ليقم كلٌ منا بدوره في إصلاح ذات البين، وليتوكّل على الله سبحانه، ومن يتوكل على الله فهو حسبه. وهو المستعان.
محمد تقي المدرسي
صفر الخير/ 1431هـ - كربلاء المقدسة.

موقع مكتب سماحة السيد المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي



            (ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
            ( |  ~ {قرووب  البصيرة  الرسالية)  .  .  (للأخبار  والمواضيـع  الرسالية} ~  | )
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــ |(
            (
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )


لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:

http://groups.google.com/group/albaseera


ملحق ذا فائدة:

* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5902&post=19686&uid=36375794025#/group.php?gid=36375794025

* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب
على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/user/nwrass2009

*
لمشاهدة قناة العلامة النمر على الشيعة تيوب على هذا الرابط:
http://www.shiatube.net/NWRASS2009

* لتنزيل إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر والذي يحوي 1902 محاضرة:

http://www.4shared.com/dir/10157159/d7de52b5/sharing.html


28 يناير 2010

مقال آية الله النمر (3): ‏[سلسلة الوحدة الوطنية قناع لتكوين عبدة الطاغوت]: ‏(المعيار الشرعي للوحدة )‏_ساهموا بنشره معكم

سلسلة مقالات: الوحدة الوطنية قناع لتكوين عبدة الطاغوت (3(

«4»: المعيار الشرعي للوحدة (*)
سماحة آية الله المجاهد الشيخ نمر باقر النمر

بعد أن مهد الكاتب بمدخل مختصر وفكرة عامة بين من خلالها الهدف من الدعوة لتكريس مصطلح الوحدة الوطنية والولاء الوطني لإرساء صنمية الطاغوت.

ثم أسهب في شرح الوحدة اصطلاحاً وبين أنه لابد من توافر مجموعة من الدواعِ والأهدافا لمشتركة بين مجموعة من الناس أو مجاميع مختلفة من البشر لقيام الوحدة.

ها هو اليوم يُعّرج بنا على معيار الوحدة حسب مقاييس الشريعة الإسلامية بادءً بالقول:

ما هو الداعي الذي يُشَرِّع لنا -أو لا أقلاً- يدعونا إلى الوحدة الرحمية؟
أو الوحدة الإنسانية؟
أو الوحدة الوطنية؟
أو وحدة الأمة الإسلامية؟
أو ما هو الأمر الجامع الذي يعتقد به دعاة الوحدة ويؤمنون به؟
 أو ما هو الأمر الجامع الذي يُكَوِّن رابطة بينهم، أو يجمعهم تحت مظلة هذه الوحدة؟

إن التشريع الإسلامي جعل معياراً واحداً ووحيداً لشرعية الوحدة فإذا تحقق كانت الوحدة تحت مظلته مشروعة ومباركة؛ وما سواه ([1]) لا شرعية له.

والمعيار الشرعي الوحيد للوحدة المشروعة هو أن تكون الصبغة العامة للوحدة والإتحاد هي التقوى والرضوان الإلهي الذي يتجسد في الاعتصام بقيم الرسالة وقيادة السماء، وليس هوى الإنسان، أو شهوات الناس، أو تصورات البشر.

فلا شرعية لأي وحدة لم تقم على أساس التقوى، ولا يجوز للمؤمن أن يشارك فيها؛ ومثل تلك الوحدة سيكون مصيرها ونهايتها الانهيار في زوبعة الصراع ودوامة الأزمات. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.

فكل وِحْدةٍ إن لم تؤسس على أساس التقوى والرضوان الإلهي ستؤدي إلى العداوة؛ وهذه النتيجة نقيض الهدف من الوحدة. يقول الله سبحانه وتعالى:﴿ الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ. ولذلك أمرت الشريعة بتشييد الوحدة على أساس حبل الله. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ. ولقد تجسد حبل الله في كتاب الله، وعترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

إن السبيل الوحيد لتحقيق إنسانية الإنسان وكرامته هو إتباعه لإرشادات عقله، وتسليمه لوحي السماء؛ وذلك بالتزامه بما يعتقده من الرؤى الرسالية، والأفكار الإسلامية، والمعارف الإلهية، والمبادئ السماوية التي تُسْتَوحَى من وحي السماء وإرشاد العقل. وبهذه العقيدة يتمكن الإنسان من السيطرة على نفسه وما تفرزه من مزاج مضطرب وميول مِعْوَجَّة. وبهذه العقيدة - بما تحوي من رؤى وأفكار ومعارف - تُروِّض النفس، وتُطهِّر الروح من أدران الهوى وشوائب الشهوات، وتُزيل الحجب والرين عن القلب، وتملأه بالنور الإلهي الذي يخترق كل الحجب؛ ليكشف عن الحقيقة وعن التجلي الإلهي لعباده. وبهذه العقيدة يتمكن الإنسان من التحكم في مسار حياته ومسيرتها. وبهذه العقيدة يمتاز الإنسان عن سائر الحيوانات التي لا تكتسب قيمتها إلا من مكونات بدنها وقواها المادية ليس إلا.

والعقيدة بما هي منظومة متكاملة من الرؤى الرسالية، والأفكار الإسلامية، والمعارف الإلهية، والمبادئ السماوية هي أعز وأغلى الأشياء لدى الإنسان؛ ومن أجلها يضحي بكل شيء ومن دون استثناء شيء.

والعقيدة هي التي تحدد وتعيد تشكيل تفكير الإنسان، وأهدافه وتطلعاته، وكيفية علاقاته وسلوكياته، وكل ما يرتبط بحياته. ولذلك نرى ونشاهد التشاجر والتناحر والحروب التي تصل إلى الأوْج المدمر في بعض الأحيان حيث تصل إلى حرب إبادة واستئصال لمواطنين وُلِدُوا على أرض واحدة واشتركوا في جميع العناصر المادية ولكنهم اختلفوا في العقيدة والفكر والرؤى. وفي المقابل نرى ونشاهد أناساً اختلفوا في الوطن واللون واللغة وغيرها من العناصر المادية؛ ولكنهم متحابون متجاذبون كأنهم روح واحدة في أجساد مختلفة؛ لأنهم اتفقوا في العقيدة الإيمانية، والعلاقات الروحية، والأفكار الإسلامية، والرؤى الرسالية.

فالوحدة في العقيدة الإيمانية التي تكونت على أساس وحدة الأفكار الإسلامية، والرؤى الرسالية، والمعارف الإلهية، والمبادئ السماوية هي القادرة دون غيرها على جمع أفراد الإنسان في أمة واحدة؛ تنتظم فيها جميع القيم الروحية، والمبادئ الإيمانية، والفضائل الإنسانية، والضرورات الحياتية.

ولأجل ذلك حكم الإسلام بوحدة الأمة الإسلامية، وأخوة المؤمنين بما هم مؤمنون يتحلون بفضيلة الإيمان والتقوى. ولا يرى للامتيازات المادية من وحدة الوطن أو الجنس أو اللغة أو اللون أو أي عنصر آخر قيمة أو فضيلة أو ضرورة  للإنسان؛ لأنها لا تحوي قيمة روحية، ولا مبدأ إيمانياً، ولا فضيلة إنسانية، ولا ضرورة حياتية.

إن الأمة الإسلامية الواحدة لا تخضع للجغرافيا ولا للتاريخ ولا للمكان ولا للزمان ولا للون ولا للغة، ولا تخضع للظروف ولا الموضوعات؛ فوحدة الأمة الإسلامية تتجاوز كل هذه المعوقات، وهي حاكمة عليها. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ.

ولقد أجاد الشاعر حين قال:
 كلُ  أرضٍ  بها  الإسلامُ  لِيْ  وطنٌ      وكلُ أرضٍ يُذكَرُ فيها اسمُ اللهِ تلقاني
وحيثما   ذكِرَ   اسمُ   اللهِ  في  بلدٍ       عُدِّدَتْ   أرجاءُه   مـن  لـبِّ  أوطانـي

وكلمة الفصل هي؛ أن الوحدة المشروعة هي التي تُشَيَّد على أساس الفكر الإسلامي الأصيل الذي بين دفتي القرآن الكريم؛ تحكمها صبغة التقوى، ومرجعيتها وحي السماء، وهو حبل الله الذي تجسَّد في القرآن الحكيم، وإمامة أهل البيت (عليهم السلام)، ودليلها العقل الذي تحرر من كل الأصر المادية، وثمرتها الأخُوَّة الإيمانية الصادقة.

وهذا لا يتنافى مع تشييد علاقات وثيقة على أساس النظارة في الخَلْق، والمماثلة الإنسانية؛ تحكمها المشاعر والأحاسيس والروح الإنسانية المشتركة، ومرجعيتها الفطرة الإنسانية التي لم تلوث بالروح السبعية العدوانية، ولا بالروح البهيمية الشهوانية، ودليلها العقل المنفتح، والعاطفة الرشيدة، وثمرتها التكافؤ، والنظارة الإنسانية، في التعاطي والسلوك والعلاقات الإنسانية. يقول الإمام (عليه السلام): ﴿وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ([2]) ضارياً؛ تغتنم أكلهم؛ فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق﴾ ([3]).

إن التشريع الإسلامي يُفرِّق ويَفصِل بين أمرين؛ بين العقيدة الإيمانية؛ وهي الأساس لتشييد وحدة الأمة الإسلامية؛ حيث يختارها أو يرفضها الإنسان بكامل إرادته واستقلاله؛ مع ما لها من تمايز واختلاف وتناقض عن بقية المعتقدات الفكرية الأخرى؛ وبين الطبيعة الإنسانية؛ وهي الأساس لبناء العلاقات الإنسانية؛ حيث جُبِل عليها الإنسان، ولا يمكنه الانفصال عن أصول وجذور طبيعته؛ لما لها من وجود متأصل ومتجذر ومشترك في طبيعة كل إنسان. فلا وحدة إلا تحت مظلة التقوى والاعتصام بحبل الله. يقول الله سبحانه وتعالى:﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ.

فلا يجوز اللين أو التراخي أو الميوعة أو التنازل أو الحلول الوسطية أو المتلونة أو المرقعة أو الأسفنجية في الأمور الفكرية. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ.
                                          
أما في أمور العلاقات الإنسانية والسلوك فينبغي اللين، واختيار أحسن التعامل، وأفضل المعاشرة؛ من كظم الغيظ والعفو والصفح والإعراض عن الجاهلين والإحسان والتعاون على الخير والصلاح. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ.

ويقول الله سبحانه وتعالى:﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ.

ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ.

ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ.


(1) أي المعيار.
(2) سبعاً أي وحشاً.
(3) من عهد الأمير (عليه السلام) لمالك الأشتر حين ولاه مصر.

(ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
( |  ~ {قرووب البصيرة الرسالية) .. (للأخبار الرسالية والمواضيع الهادفة} ~ | )
(ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )
* لتصفح مدونة البصيرة الرسالية وقراءة المواضيع الجديدة والقديمة:
http://www.wlidk.net/upfiles/hj069301.gif 
أو عبر (PickerQrCode)
 
http://chart.googleapis.com/chart?cht=qr&chs=100x100&choe=UTF-8&chld=H|0&chl=http://goo.gl/hu7cX

 * للانضمام لصفحة قروب البصيرة الرسالية على الفيس بوك لمتابعة جديدنا:

 
 
 
* ليصلكم ما ننشره بالبريد الإلكتروني اشتركوا في (قروب البصيرة الرسالية):
http://groups.google.com/group/albaseera
 
ثم هذا الرابط التالي:
 
وتأكيد الاشتراك منكم لتعذر الإضافة منا بعد تحديثات قوقل الأخيرة

ملحق ذا فائدة (محدث):
* صفحة آية الله المجاهد الشيخ نمر النمر (حفظه الله) بالفيس بوك:
www.facebook.com/Shaikh.Nemer
 
* صفحة جامع الإمام الحسين (ع) بالعوامية بالفيس بوك:
 
* لمشاهدة فيديوهات آية الله النمر في اليوتيوب :
www.youtube.com/profile?user=nwrass2009
 
* إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر (يحوي 1902 محاضرة):

خدمة مجموعة العهد الثقافية:
من نشاطات الخدمة :
- نشر مستجدات وآخر محاضرات سماحة آية الله المجاهد الشيخ نمر باقر آل نمر دام ظله .. ومحاضرات رسالية.
 
- نشاطات ومواضيع رسالية.
 
- أقلام رسالية واعدة.
 
- أمور متفرقة منتخبة.
طرق الاشتراك بالخدمة
* بلاك بيري مسنجر:
PIN:29663D6D
 
*  ببرنامج الوتساب:
00966556207946
 
* على Twitter:

 لا تنسونا من صالح دعائكم
وإفادة الآخرين مما يصلكم منا
مع تحيات: البصيرة الرسالية