بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة
المؤمنون..
الأخوات
المؤمنات..
السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
نبارك
لكم ذكرى ميلاد ثامن الأئمة الهداة الإمام الرضا (عليه السلام) سائلين الله عزّ
وجل أن يوفقنا للاهتداء بهداه والسير على نهجه الرباني القويم في الحياة.
وبهذه
المناسبة العطرة نهدي لكم هذه المقالة القيمة حول جانب من جوانب حياة الإمام عليه
السلام من كتاب (الإمام الرضا قدوة وأسوة) لسماحة المرجع الديني آية الله العظمى
السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله) راجين من الأخوات والأخوات أعادة توجيهها إلى ما
بحوزتهم من العناوين الالكترونية تعميما للفائدة وكسبا للأجر الجزيل إن شاء الله.
مكتب المرجع الديني
آية الله العظمى السيد محمد
تقي المدرسي
الإمام الرضا (عليه السلام) الشجرة
الطيبة

كان الإمام الرضا (ع) بمثابة قرآن ناطق، فخُلُقه
من القرآن، وعلمه ومكرماته من القرآن، أوليس القرآن هو آية الله العظمى في خلقه،
أولم ييسّره ربنا لمن شاء من عباده أن يستقيم عليه ؟ أوَ يكون ذلك غريباً أن يصبح
من تمثّل القرآن في حياته آية عظمى لرب العالمين؟
والنبي (ص) كان أفضل وأعظم ميزاته، أنه عبد
يُوحى إليه، وحين سأل بعضهم عن خُلُقه العظيم قال:
“كان القرآن
خُلُقُه” .
وأعظم ميزات الإمام علي (ع) ان الله قد جعل أذنه
واعية للقرآن .
وقد ذكّرنا الرسول
بأنه يخلّف بعده الثقلين: كتاب الله وعترته أهل بيته، ثم بيّن أنهما لن يفترقا حتى
يردا عليه الحوض .
أوَلا يعني ذلك أن أهل
بيت الرسالة (ع) كانوا مشكاة نور القرآن ومعدن خيرات الوحي ومستقر علم الله ؟.
وكان الإمام الرضا (ع) قد تمثّل هذا النور بكل
وجوده حتى جاء في الحديث عن أبي ذكوان قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول:
ما رأيت الرضا (ع) سئل عن شيء قط إلاّ عَلِمَه، ولا
رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن
كل شيء فيجيب فيه، وكان كلامه كله وجوابه وتمثله انتزاعات من القرآن، وكان يختمه
في كل ثلاث ليالٍ، ويقول:
“لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة لختمت، ولكني ما مررت
بآية قط إلاّ فكرت فيها وفي أي شيء أنزلت وفي أي وقت، فلذلك صرت أختم كل ثلاثة
أيام“ [1] .
ولكن دعنا نعرف كيف تمثّل
إمامنا الرضا (ع) القرآن بهذه الدرجة، أو يمكننا أن نتبعه في ذلك ؟
القرآن كتاب الله، ومن لا
يتصل قلبه بنور الله لا يعرف كتابه، أو لم يقل ربنا سبحانه :
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ
لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً} ( الإسراء
/ 82 ) .
وبدرجة الإيمان، وبمستوى
اليقين، وبقدر تجلي عظمة الرب في القلب يستضيء الإنسان بنور الله الذي تجلى به في
كتابه .
والإمام الرضا (ع) عظَّم
الله ووقَّره وسلّم له أمره واستصغر كل شيء سواه، واستعد لكل بلاء في سبيله، وكان
كل ذلك وسيلته إلى ربه .
دعنا نلتمس بعض الشواهد على ما قلنا، لا لنزداد
بالإمام معرفة فقط، بل لكي تخشع قلوبنا أيضاً بهذه السيرة التي تفيض روحاً إلهياً
وضياءً.
وعندما كلّف المأمون العباسي واليه على المدينة
بمرافقة الإمام إلى خراسان، سأله - بعد مقدمه إليها - عن أحواله في الطريق ففصّل
الحديث عن درجات عبادته وذكره وتبتله، فلما قص عليه ذلك أمره بأن يكتم عن الناس
ذلك وكان مما نقله:
كان إذا أصبح صلى الغداة،
فإذا سلم جلس في مصلاه يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله، ويصلي على النبي وآله حتى
تطلع الشمس، ثم يسجد سجدة يبقى فيها حتى يتعالى النهار، ثم أقبل على الناس يحدثهم
ويعظهم إلى قرب الزوال، ثم جدد وضوءه وعاد إلى مصلاه . وبعد أن يذكر كيفية صلاته
وسجداته ونوافله إلى وقت العصر مما هو معروف في الفقه، ثم يقول أقام وصلى العصر
فإذا سلم جلس في مصلاه يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله ما شاء الله، ثم سجد سجدة
يقول فيها مائة مرة “ حمداً لله “ .
ثم يذكر كيف كان يصلي بعد
غروب الشمس ويسبّح ربه حتى يمضي قريب من ثلث الليل ثم يأوي إلى فراشه، فإذا كان
الثلث الأخير من الليل قام من فراشه لنافلة الليل، واستمر على ذلك حتى يطلع الفجر،
ثم يجلس للتعقيب حتى تطلع الشمس، ويسجد حتى يتعالى النهار .
ويضيف: وكان يكثر بالليل
في فراشه من تلاوة القرآن، فإذا مر بآية فيها ذكر جنة أو نار بكى وسأل الله الجنة
وتعوَّذ من النار [3] .
وكان الإمام يرى أن ماله
من فضل إنما هو بالتقوى وليس فقط بالانتساب إلى رسول الله (ص) بالولادة .
هكذا ينقل البيهقي عن
الصولي عن محمد بن موسى بن نصر الرازي قال: سمعت أبي يقول: قال رجل للرضا: والله
ما على وجه الأرض أشرف منك أباً، فقال: “التقوى
شرفتهم وطاعة الله أعظمتهم“.
فقال له آخر: أنت والله
خير الناس، فقال له:
“لا تحلف يا هذا، خير مني من كان أتقى لله عزّ وجلّ وأطوع له
والله ما نسخت هذه الآية :
وهذا الحديث يذكرنا بما يُروى عن الإمام الصادق
(ع) أنه قال: “لَولايتي لمحمد صلّى الله عليه وآله
أحب إليّ من ولادتي منه“ .
وهكذا أطاع الله بكل جوانب حياته، فأحبه الله
ونوّر قلبه بضياء المعرفة وألهمه من العلوم ما ألهمه، وجعله حجة بالغة على خلقه، أو
لم نقرأ سورة (ص) كيف بيّن فيها ربنا مواهبه لعباده الصالحين، وأنه إنما آتاهم كل
تلك المواهب لعبادتهم وإخلاصهم فقال مثلاً:
{اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ
ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (ص/ 17) {وَشَدَدْنَا
مُلْكَهُ وَءَاتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} (ص /20) .
إلى أن يقول: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ
لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَأَبٍ * يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ
خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ
الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ اِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ
اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}
(ص/25-26) .
وهكذا أناب الإمام الرضا (ع) إلى ربه فوهب الله
له ما شاء من الكرامة والعلم .
لقد زهد في الدنيا واستصغر شأنها، ورفض مغرياتها،
فرفع الله الحجاب بينه وبين الحقائق، لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وهو حجاب سميك
بين الإنسان وبين حقائق الخلق .
يذكر البيهقي عن الصولي: كان جلوس الرضا في
الصيف على حصير وفي الشتاء على مسح، ولبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس
تزين لهم [5] .
وكان ذلك عند ما أقبلت الدنيا عليه فلم يقبلها،
وتزينت له فلم يغترّ بها، بل عندما كانت الخلافة العباسية في أوج عظمتها وبذخها
وترفها وكان الإمام ولي عهد الخليفة في الظاهر، يومئذ عاف الدنيا وشهواتها . هكذا
تروي جارية اسمها عذر فتقول: اشتريت مع عدة جوارٍ من الكوفة، وكنت من مولداتها
(كانت مولودة في الكوفة) قالت: فحُمِلنا إلى المأمون، فكنا في داره في جنة من
الأكل والشرب والطيب وكثرة الدنانير فوهبني المأمون للرضا، فلما صرت في داره فقدت
جميع ما كنت فيه من النعيم، وكانت علينا قيّمة تنبهنا من الليل، وتأخذنا بالصلاة، وكان
ذلك من أشد ما علينا فكنت أتمنى الخروج من داره [6] .
وأعظم الزهد زهده في الخلافة بالطريقة التي
عرضها عليه المأمون العباسي، فإن من الناس من يزهد في الدنيا طلباً لما هو أعظم من
متاعها، ولا أعظم من الرئاسة في أعين الإنسان .
يقول الفضل بن سهل الذي شهد حوار المأمون مع
الإمام الرضا في شأن الخلافة: ما رأيت الملك ذليلاً مثل ذلك اليوم .
يقول المأمون العباسي فيما روي منه: فجهدت الجهد
كله وأطمعته في الخلافة وما سواها فما أطمعني في نفسه [7] .
***
ومن يعظم الله يعظم أولياءه، ومن يرفض توقير
أولياء الله يفقد السبيل إلى الله، والإمام الرضا (ع) سلك هذا السبيل إلى ربه .
ولعمري إن الشيطان يزيّن
للإنسان مخالفة أولياء الله والتكبر عليهم حتى يضله عن سبيل الله القويم، ويلقيه
في تيه السبل المتفرقة .
وكلما ازداد الإنسان تسليماً لقيادته الشرعية، وحباً
لولي أمره، ولأولياء الله من الأنبياء والأوصياء والصالحين، كلما يزداد من ربه
قرباً .
والإمام الرضا (ع) كان كما سائر الأئمة (ع) أطوع
الناس لولي أمره الإمام موسى بن جعفر (ع) فجعله الله حجة من بعده .
يقول الإمام الكاظم :
وقال :
إن بين الإنسان وبين أولياء الله حجاب من الغرور
والكبر، فمن خالف هواه وتحدى غروره وحارب كبر نفسه، يخرق هذا الحجاب، فيدخل في حزب
الله، وينتمي إلى أوليائه، ويستقر في مقامه عند الله . لذلك أكّد القرآن على
الكافرين قولهم :
{أَبَشَراً
مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ}
(القمر / 24) .
وقد جاء في حديث روي عن ابن أبي كثير قال: لما
توفي موسى (الكاظم) عليه السلام، وقف الناس في أمره، فحججت في تلك السنة فإذا أنا
بالرضا (ع) فأضمرت في قلبي أمراً فقلت: أبشراً منا واحداً نتبعه، فمر كالبرق
الخاطف علي، فقال:
***
كان الإمام الرضا من الشجرة الطيبة التي أكرمها
الله، وبارك لأمة محمد فيها، وقال سبحانه:
{ذُرِّيَّةً
بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ( آل عمران / 34 ) .
ولقد اختار الله يحيى بن زكريا للنبوة، وآتاه
الحكم صبيّاً بحكمته البالغة، وإكراماً لوالده زكريا .
واختار مريم صديقة حينما نذرت امرأة عمران ما في
بطنها محرراً لله.
واختار عيسى ابن مريم ( عليهما السلام ) كرامة
لوالدته الصديقة فكلم في المهد قائلاً: { إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ
ءَاتَانِيَ الْكِتَابَ } ( مريم / 30 ) .
فلماذا نستغرب حينما يختار من أهل بيت محمد (ص)
اثنا عشر نقيباً، أئمة هداة ميامين بحكمته البالغة وكرامة لأقرب الناس إلى الله
سيد المرسلين محمد صلّى الله عليه وآله ؟
موقع مكتب سماحة المرجع
الديني
آية الله العظمى السيد
محمد تقي المدرسي
--
)|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
( | ~ {قرووب البصيرة الرسالية) . . (للأخبار والمواضيـع الرسالية} ~ | )
)|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
الروابط متجدد بين الحين والآخر

لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:
http://groups.google.com/group/albaseera
ملحق ذا فائدة:
* لمشاهدة فيديوهات انتفاضة البقيع 2009 وأنتفاضة الكرامة وقا\دها العلامة النمر على هذا الرابط:
http://www.4shared.com/dir/13257953/8e648220/sharing.html
* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/group.php?gid=79411953786
بدل المحجوب:
http://www.facebook.com/social_graph.php?node_id=79411953786
* الروابط المتجددة للمواقع التي تتعرض للحجب (بالصفحة الأولى من هذا القروب):
http://groups.google.com.sa/group/jam3_imamhussain
* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/profile?user=nwrass2009#g/u
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق