السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظم الله أجوركم ايها المؤمنون والمؤمنات بمصاب ابي عبد الله الحسين سلام الله عليه
ونرفق هذا الموضوع العاشورائي نصياً يسبقه رابط للموضوع بصيغة PDF وهو التالي:
عظم الله أجوركم ايها المؤمنون والمؤمنات بمصاب ابي عبد الله الحسين سلام الله عليه
ونرفق هذا الموضوع العاشورائي نصياً يسبقه رابط للموضوع بصيغة PDF وهو التالي:
وكذلك نرفق نشرة قناديل كربلاء 1432 هـ (6) التي تصدر من منطقة العوامية وهي من هذا الرابط:
نترككم والموضع العاشورائي وهو بعنوان:
بسم الله الرحمن الرحيم
عاشوراء 1432هـ، مع شهيد الطف: (7)
من كلمات المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله الوارف)
دور
العقل والعاطفة في ولائنا
للإمام
الحسين عليه السلام

الأحاديث النبوية الشريفة كلها هي غاية في الأدب الإلهي،
وتجسد العظمة في الفكر والبصائر والأخلاق والإيمان. وبين هذا وذاك ثمة أحاديث
قدسية صدرت عن رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وآله، تدفع المهتم بها إلى التمعن
والتعمق أكثر فأكثر، ليصل بمستواه وبصيرته إلى العمق الإيماني المطلوب، الذي كان
ينشده هذا النبي القدوة صلى الله عليه وآله للمؤمنين .
ومن جملة تلكم الأحاديث قول الرسول المصطفى صلى الله عليه
وآله بأن الحسين: "مصباح هدى وسفينة نجاة"
([1])، وقد
وصف هذا الحديث بأنه مكتوب عن يمين عرش الله، في إشارة إلى عظمة وقدسية هذا الحديث
المبارك.
ولكي نكون بمستوى المسؤولية الدينية والحضارية، لابد لنا من
التدبر والإحاطة بأبعاد هذا الحديث. فهو وغيره مما فاض على لسان سيد المرسلين وأهل
بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام، ليس من نوع الكلام أو القصص الصادرة عن غيرهم
من البشر، حتى يكون بوسعنا أن نمر عليها مروراً خاطفاً، أو أنها من نوع الكلام
الذي ما أن يُسمع حتى يُنسى..
فتدبّرنا وتعمّقنا وإحاطتنا -بما في وسعنا- بكلامهم الشريف،
يعكس مدى اهتمامنـا وتعظيمنا لمكانتهم السامية؛ الاهتمام والتعظيم المفروضين علينا
- نحن المسلمين- من قبل الله سبحانه وتعالى أولاً وآخراً.
مع أن اهتمامنا بهذه الأحاديث الفذة، إنما هو بمثابة المؤشر
العملي على اهتمامنا بأنفسنا. فالروايات صدرت عن رسول الله وأهل بيته عليه وعليهم
أفضل الصلاة والسلام لإنقاذنا من براثن الدنيا وغرورها، ولكي تكون منهجاً ودرساً
أساسياً مقارناً للقرآن الكريم في حياتنا وكدحنا إلى الله عز وجل .
ماذا يعني قول الرسول صلى الله عليه وآله بأن
الحسين مصباح الهدى؟
وماذا تعني الهداية؟
وماذا يعني أن يكون أبو عبد الله عليه السلام مصباحاً؟
وما هو المصباح؟
وما هو دور المصباح في حياة الإنسان؟
وما هي مسؤولية الإنسان تجاه هذا المصباح؟
ثم ما هي سفينة النجاة؟
وكيف يكون الحسين سفينة النجاة؟
وماذا يتوجّب علينا أن نعمل تجاه هذه السفينة ؟
إنني في هذا المقام ؛ لم اطرح الأسئلة أعلاه كبذخ فكري أو
أدبي، ولا أدّعي أبداً بأن بوسع أحد من الناس الإجابة الوافية على هذه الأسئلة
باستثناء من أنعم الله عليهم. إنما الغرض من كل ذلك إلفات نظر المؤمنين إلى ضرورة
التعمق في حقيقة سبط رسول الله الإمام الحسين عليهما الصلاة والسلام ودوره الرباني
العظيم، إضافة إلى ضرورة وعي مسؤولياتنا تجاه سيد الشهداء وأبي الأحرار عليه
السلام وقضيته السرمدية. فالإجابة ليست معقدة بقدر ما هي عميقة، ونحن في هذا الإطار
يهمنا النهوض بمستوياتنا حتى نتوصل إلى الحقائق النورانية لهذا الحديث النبوي
الشريف الذي بين أيدينا .
ومن هنا ؛ تنبغي الإشارة إلى حقيقة أن الإنسان يتركب من
بُعدين أساسيين، ولا غنى لأحدهما عن الآخر مطلقاً؛ البعد الأول هو البعد العاطفي،
والثاني هو بعد الفكر والعقل والبصيرة. والبعد الأول يحتل موقعاً من الإنسان أشبه
ما يكون بموقع الوقود من السيارة، حيث لا يعقل مطلقاً أية حركة لهذا المصنوع
البشري دون امتلاكه للطاقة. وبمعنى آخر؛ تكون السيارة غير ذات قيمة فيما لو افتقدت
الوقود، بغض النظر عن كون هذه السيارة ذات تكنولوجيا عالية أو هابطة .
ولكن السؤال الراهن هو: هل إنَّ
الوقود بمفرده كافياً لحركة السيارة؟
وبطبيعة الحال فإن الجواب سيأتي منفياً تجاهه، على اعتبار أن
ثمة أبعاد أخرى لها الدور الكبير في حركة هذه السيارة، وهذه الأبعاد تتمثل تارة في
المحرك وأخرى في العجلات، وأخرى في الأجهزة الأساسية المتعددة.
وهذه الحقيقة تنطبق تمام الانطباق على حقيقة الوجود وشخصية الإنسان،
فمن الصعب جداً تصور الحركة والحيوية في الإنسان الذي تنعدم فيه العواطف، نظراً
إلى إنَّ العاطفة في الإنسان تمثل الدافع للحركة والنشاط والفعل وردّ الفعل .
فمن تنعدم فيه الشهوة والإحساس بالجوع والألم وتلمس الراحة،
فهو لا يعدو عن كونه موجوداً جامداً، إذ أن مجمل هذه الأحاسيس وغيرها تعني وجود الإنسان.
فالأب يكون أباً حقيقياً حينما يرى الجوع يعضّ أولاده فيسارع إلى تأمين ما يشتهون،
لأنه يقدّر مسؤوليته تجاه عائلته من جهة، ويعرف معنى الجوع وتأثيره من جهة ثانية.
فهو يعمل المستحيل لكي يوفر الأمن المعيشي لهم. وكذلك الأم
التي تترك نومتها الهنيئة لتقوم بإرضاع طفلها الذي قرصه الجوع، والداعي في ذلك
بالطبع العاطفة والحنان اللذان تحملهما له، لأنّ هذه الأم تعرف أسباب ودوافع
البكاء لدى رضيعها، وتعرف في الوقت ذاته الألم الذي يعتصر قلب هذا الطفل جرّاء
إحساسه بالجوع .
إذن فالعاطفة في المثالين المذكورين هي المحرك، وهي الدافع
الذي على أساسه يقوم أهم ركن في بناء العائلة المتفاعلة. ثم هناك الجانب العقلي في
حركة الناس، ومن دون العقل ستفقد العاطفة مصداقيتها .
وما يهمنا في هذا الجانب هو التأكيد على أن الإمام الحسين
عليه السلام هو الذي يوفر للأمة الإسلامية حاجتها العقلية كما وفّر لها حاجتها
العاطفية. فالحسين عليه السلام كما أصبح للمسلمين بمثابة نقطة الرجاء والعاطفة
بنصّ الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله حيث وصفه بـ (سفينة
النجاة) التي تؤدي دور المنقذ أثناء وبعد الأمواج والعواصف والدوّامات،
فهو -أيضاً- بشعاراته ومنجزاته الدينية أصبح (مصباح
الهدى) بالنسبة للمؤمنين الذين تعترض طريقهم الانحرافات الفكرية
والسياسية.
إن الأمة الإسلامية ومنذ استشهاد أبي عبد الله الحسين عليه
السلام لا تزال تتدفأ بحرارة النهضة الحسينية.
فالحسين عليه السلام قتيل العبرات؛ بمعنى أنه قد قُتِل لكي
يوفر في الأمة المسلمة الدموع، لأن الإنسان المسلم حينما تدمع عينه ويخشع قلبه
سيكون قابلاً لاستلهام المعاني الحية لتعاليم الدين الحضارية، وسيكون مثله مثل
الأرض القابلة لامتصاص غيث السماء حيث تهتز وتربو، دون الأرض الصلدة التي لا
تستجيب لنداء المطر ورسالته الداعية إلى الإنبات .
فعندما يبكي المرء ويخشع قلبه تأخذ الآيات القرآنية الكريمة
موقعها منه، وتجد استجابة طيبة لديه من أجل الاعتقاد والتمسك بها وتطبيقها. ولكن
الإنسان الأبله أو المستهزئ الذي لا تربطه أية عاطفة بالآيات السماوية، لن ينتفع
بها مهما كان تالياً لها. وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وآله: "أين الله؟
لذلك فإننا نرى ونشهد على أنّ المؤمن المقيم للشعائر الحسينية
يتحول إلى إنسان نزيه وطاهر ونظيف، نظراً إلى أنّ دموعه التي يذرفها، وقلبه الذي
يخشع يدفعانه للتوبة والتطهّر من الذنوب، فهو يتوب ويتطهّر بالعاطفة والحماس.
فالمقيم للشعائر الحسينية يعود إلى قاعدة محاسبـة الذات بصورة
إرادية أو لا إرادية. فهو على يقيـن من العظمـة اللامتناهية التي يتمتع بها سيده
ومولاه الحسين بن علي عليهما السلام، وهو يعرف من خلال التأريخ ما قام به هذا
السيد العظيم من تضحية وشجاعة لا نظير لهما على مرّ الزمان، فتراه يعود إلى ذاته
ويؤنبها إزاء التقصير في ارتكاب الذنوب، والانهزام تجاه المصاعب والعقبات.
ولاشك أن التوبة العملية هذه مع ما يزامنها من اعتقاد راسخ
بولاية رسول الله وسبطه الحسين وأهل البيت عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام، توبة
حقيقية مقبولة لدى الله سبحانه وتعالى .
إذن؛ فالعاطفـة الصادقة على جانب كبير جداً من الأهمية في
حيـاة المرء، حيث تحركه وتدفعه وتخلق أمامه أهدافـاً وغايات سامية، علـى اعتبار
أنّ حياة الإنسان لا تسمى حياةً ما لم يسع الإنسان إلى تحقيق شيء فيها.
وهنا يجب أن نلتفت إلى أن المصباح هو الذي يشع بالنور، والهدى
هو الذي يهدي الإنسان إلى الطريق المستقيم. وإننا كأمة مسلمة بعيدون عن الإمام
الحسين عليه السلام من هذه الناحية، فنحن نعيش مع سيد الشهداء في عواطفه ومأساته
فقط مع بالغ الأسف.
وللتوضيح أقول: إن تاريخ كربلاء ينقل لنا بأن الإمام الحسين
عليه السلام وأصحابه استمهلوا الأعداء سواد ليلة عاشوراء، ولم يكن طلب الفرصة هذا
ناتجاً عن خوف من الموت أو الاستشهاد، حيث أن هذا الركب الشجاع لم يقدم إلى ارض
كربلاء إلاّ وكان عارفاً بما سيؤول إليه مصيره مسبقاً.
والدليل على ذلك أن الإمام عليه السلام نفسه كان قد قال قبيل
مغادرته المدينة المنورة في معرض ردّه على تحذير مَن حذّره القتل وتَعَرُّض نسائه
ونساء أصحابه للتنكيل والسبي من قبل الجيش الأموي، قال عليه السلام: "قد شاء الله أن يراهن سبايا". ([3])
لقد كان سبب الطلب المشار إليه الرغبة في تجديد العهد بكتاب
الله تبارك وتعالى، فالحسين عليه السلام كان القرآن الناطق.
لذا نحن نرى في حركته ومنهجه قرآناً ينطق بصدق الإيمان وصدق
الأمانة والتضحية والتفاني في ذات الله. فواقعة كربلاء كانت تجسيداً واقعياً
لتعاليم القرآن والوحي المنزل .
ومن جانبنا نحن المسلمين، كلما كان التصاقنا بالقرآن الكريم
وتعاليمه شديداً، كلما كان اقترابنا للحسين عليه السلام شديداً أيضاً، والعكس هو
الصحيح. فالطرفان يعبران عن إرادة إلهية تتجلى في ضرورة إنقاذ الإنسان نفسه من الوساوس
والانحرافات .
يقول ربنا سبحانه وتعالى في الآيتين 31و32 من سورة آل عمران: ]قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّه[ أي إن كنتم تدّعون محبّة الله ومحبة رسوله ومحبة أولياء الله ]فَاتَّبِعُونِي[ على اعتبار أن هذا الحب لابد له من طاعة لتتقرّب به، كي لا يكون
حبّاً فارغاً، فالإتباع بمختلف معانيه ومصاديقه، وبمختلف ما يستدعي من تضحية
وشجاعة وفداء هو الحب المنشود، وإذا ما اقترن الحب بالطاعة لله تكون النتيجة
العملية لـه: ]يُحْبِبْكُمُ اللّهُ[.
فالعاطفة والعقل إذا ما امتزجا يولّدان الفلاح، حيث يقول
تعالـى: ]يُحْبِبْكُمُ اللّهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُواْ
اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّواْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ[ وهذه الحقيقة تمثل أحد مصاديق
الكفر الذي قد يصاب به الإنسان من حيث لا يشعر، إذ يحصل التفاوت بين قوله وفعله؛
بين اعتقاده وسلوكه.
وقد جاء عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام حديث يحظى
بأعظم درجات الأهمية، حيث يتضمـن بيان موقع أئمة أهـل بيت رسول الله عليه وعليهـم
السلام، كما يتضمن ضرورة ما ينبغي أن يكون عليه شيعتهم ومواليهم؛ بل وجميع المسلمين،
حيث يقول عليه السلام: "إن الله تبارك وتعالى
أوجب عليكم حبّنا وموالاتنا، وفرض عليكم طاعتنا، ألا فمن كان منّا فليقتدِ بنا فإن
من شأننا الورع والاجتهاد، وأداء الأمانـة إلى البرِّ والفاجر، وصلة الرحم، وإقراء
الضيف والعفو عن المسيء، ومن لم يقتدِ بنا فليس منّا".
فالإنسان - لكي يصل الجنة - عليه أن يعفّ نفسه عن ارتكاب
المعاصي، وأن يبذل كل وسعه ويجدّ ويجتهد في طريق أداء الواجبات الشرعية الذي هو -
في واقع الأمر - المسئول أولاً وآخراً عنها. فرسول الله وأئمة أهل البيت عليه
وعليهم السلام لا يحبون الشخص الكسول الجامد، وإنما يحبون المؤمن الذي يبذل جهده
تماماً أو يستنفذ طاقته في إطار الطاعة .
أما أداء الأمانة، فهو أمر ذو وجوه؛ منها وجه تحمل المسؤوليات
السماوية انطلاقاً من مفهوم الآية القرآنية القائلة : ]إنَّا
عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ
أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان[ (الأحزاب/72)، ومنها نبذ
الخيانة الذي يعكس الصورة الصحيحة للأئمة ولشيعتهم، رغم ما يبذله حـزب الشيطان من
مساع حثيثة لتشويه صورتهم بين الناس. وكان الإمام السجاد عليه السلام يقول بهذا
الصدد: "عليكم بأداء الأمانة فو الّذي بعث
محمداً بالحق نبياً لو أنَّ قاتل أبي الحسين بن علي عليه السلام ائتمنني على السيف
الذي قتله به لأدّيته إليه". ([4])
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد قال من قبل: "لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم، وكثرة الحج والمعروف،
وطنطنتهم بالليل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة". ([5])
فالمطلوب والأهم من الوجهة الشرعية تطبيق المعتقدات دون
الاكتفاء بالناحية النظرية لها، وهذا لعمري خلاصة وجذوة الرسالات السماوية، وهو
أهم أهداف الإمام الحسين عليه السلام.
ثم إن الله سبحانه وتعالى وبعد أن وضّح الخارطة الإيمانية
التي ينبغي للإنسان المسلم السير وفقها، قال : ]إِنَّ
اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وآلَ إِبْرَاهِيمَ وآلَ عِمْرَانَ عَلَى
الْعَالَمِينَ[(آل
عمران/33)، وهو بذلك يدفع المؤمنين إلى التطلع عبر إيمانهم العملي نحو أن يكونوا
من المصطفين الأخيار، فالاصطفاء أمر يعمّ جميع المؤمنين؛ ممن يدفعهم الإيمان الجاد
إلى التطور والوعي الأكثر والأوسع لحقيقة الوجود ومصيره.
والسؤال الأكثر جدية الذي أودّ طرحه في هذا المقام هو: انه
على الرغم من عمق العلاقة العاطفية التي تربط الموالين للإمام الحسين عليه السلام،
فإننا نرى تفاوتاً واضحاً بين مستوى العلاقة العاطفية وبين مقدار الاندماج الفكري
والعقلي بقضية كربلاء ورؤى الإمام الحسين عليه السلام وأخلاقه، فما السبب في ذلك
يا ترى، علماً بأننا قدّمنا فيما مضى من القول بأن العلاقة العاطفية بالحسين عليه
السلام وقضيته العادلة لا تأخذ مصداقيتها ما لم ينضم إليها وعي والتزام فكريان ؟
لقد تركنا الإطار الفكري للقضية، وكأن السبط الشهيد عليه
السلام قد وُلِد في يوم عاشوراء وقُتل فيه. وها نحن لا نعرف -أو لا نتطلع لأن
نعرف- من الإمام الحسين سوى أحداث كربلاء، رغم عظمتها.
في حين أن حياة الإمام الحسين عليه السلام تحمل في طياتها
العظمة برمتها، بدءاً بمولده الشريف في الصدر الأول للإسلام، ثم امتداداً لمعطيات
هذا المولد المبارك. إننا لا نكلف أنفسنا البحث في رسائل وخطب سيد الشهداء الإلهية
إلى معاوية، فضلاً عن عدم تدبّرنا فيها ..
وإننا نتغافل عن مطالعة رسائله عليه السلام المفصّلة فيما يخص
حياة العلماء وصفاتهم، بل ولا نسعى إلى التدبر في الزيارات التي نقرؤها تعظيماً
وعرفاناً بجميل الحسين عليه السلام لنا ..
فهل فكّر الواحد منا فيما تعنيه هذه الزيارات؟
ولماذا هذا التعدد فيها؟
ولماذا هذا التوقيت الخاص لأنواعها وأقسامها؟
وإننا في الوقت الذي نكون بأمس الحاجة إلى أجهزة تبليغية
متطورة وفاعلة بهذا الشأن، نرى الكثير من الخطباء عديمي الاهتمام بما تعنيه هذه
الزيارات مع العلم أنها قد صدرت عمن هم معصومون عن الخطأ، وعدم الاهتمام هذا يحول
دون الانتفاع بهذه الزيارات أدنى نفع.
وإنني إذ أقرأ الزيارة المعروفة بزيارة عاشوراء كثيراً ما
تستوقفني عباراتها النورانية، والتي منها هذه العبارة: "السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك
وأناخت برحلك".
فالأرواح التي حلت بفناء الحسين عليه السلام هي أرواح
الأنبياء والشهداء والعلماء والصديقين؛ أرواح المخلصين الذين يهمهم خدمة الدين
وإعلاء كلمته .
فأنعِم وأكرِم بلحظة أو ساعة او حياة يخصص الإنسان فيها جهوده
وطاقاته لكي يكون مع هذا الإمام العظيم؛ الإمام الذي على أساس جهاده قامت قائمة الدين
بعد عواصف وسيول التحريف والكبت والطغيان؛ بل وأكثر من ذلك كله، هو استمرار معطيات
الثورة الحسينية بالنسبة للمصممين على إنقاذ شعوبهم من عبودية الطاغوت .
ونحن بدورنا نسلم على تلك الأرواح ونقول: السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك
وأناخت برحلك، ولا جعله الله آخر العهد منّا لزيارتكم، السلام على الحسين، وعلى
علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته.
موقع مكتب المرجع الديني
آية الله العظمى المدرسي دام ظلّه
www.almodarresi.com
www.almodarresi.com
مكتب سماحة المرجع
المدرسي
(ـــــــــــــــــــــــــــــ
)|
( | ~ {قرووب البصيرة الرسالية) . . (للأخبار والمواضيـع الرسالية} ~ | )
)|
(ـــــــــــــــــــــــــــــ
لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:
http://groups.google.com/
لقراءة المواضيع السابقة التي نشرت في قروب البصيرة:
http://albaseeraalresalay.
ملحق ذا فائدة:
* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/topic.
* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/user/
* لمشاهدة قناة العلامة النمر على الشيعة تيوب على هذا الرابط:
http://www.shiatube.net/
* لتنزيل إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر والذي يحوي 1902 محاضرة:
http://www.4shared.com/dir/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق