من هو الذي يدعو إلى الانفصال؟
بقلم: عبد الله القطيفي
لا تزال بعض التيارات السياسية والثقافية التي تتحرك بشكل أو بآخر في المشهد السياسي الحالي تجرم خيار (الانفصال) الذي لوح به العلامة المجاهد الشيخ نمر باقر النمر (أدام الله عزه) في خطابه الأخير، والذي سبب هزة عنيفة للنظام السياسي السعودي، حيث جاء ذلك الخطاب التاريخي رداً على سياسة النظام وطريقة تعامله مع الملف الشيعي الذي لا يزال كما هو عليه منذ تأسيس الدولة السعودية بالرغم من كل ما أبدته بعض التيارات الشيعية من تسامح وموادعة مع النظام، وبالرغم من كل المزاعم الإصلاحية التي لا يزال يطلقها النظام في الساحة المحلية والعالمية.
وهنا سؤالٌ في غاية الأهمية، ولا بد من طرحه والإجابة عليه، من أجل استجلاء الموقف من هذه الدعوات التي لا تزال تعرّض بالتلويح بالانفصال كورقة سياسية ضاغطة يحق للشيعة استخدامها متى ما أرادوا لاسترداد حقوقهم السياسية والاقتصادية والدينية المضيعة منذ قرن من الزمن. يا ترى على ماذا تشيد وحدة الوطن؟ وهل أن الوطن الذي نعيش فيه يمهد إلى تشييد أركان الكيان الوطني، أم أنه بسياساته يهدد الوحدة، ويدفع المواطنين المسلوبي الحقوق إلى اتخاذ حلولٍ تقوض من وحدة الأرض؟
وفي الإجابة على هذا التساؤل المشروع أقول: إن وحدة الوطن لا يمكن أن تؤسس بعيداً عن وحدة الحقوق، لأن وحدة الوطن يجب أن تعكس وحدة الكيان، والوطن الواحد لا يكون كياناً واحداً إلا إذا هيمن عليه نظام واحد وسياسة واحدة تجسد العدالة والحرية والكرامة اتجاه جميع المواطنين.
فوحدة الوطن تشيد على النظام الواحد الذي يرتكز على العدالة في كافة المجالات، الدينية والسياسية والاقتصادية والحقوقية. ولهذا فإن النظام الحاكم هو الذي يؤسس إلى وحدة الوطن، وإلى ثقافة المواطنة، بسياساته العادلة، وهو الذي يؤسس إلى الانقسام ويحرك النفوس نحو الانفصال بالظلم والجور.
وقد قيل أن الحقائق تعرف بأضدادها، فإذا كانت وحدة الوطن تشيد على النظام الواحد المرتكز على العدالة، فإن تفكك الوطن يرجع إلى التمييز في الحكم بناء على اعتبارات طائفية ومناطقية. وبشكل أكثر تفصيلاً نقول: إن كل لبنة من لبنات الوطن هي كيان إنساني لها وجودها ولها حقوقها واعتبارها، وكل ذلك ينطلق من قيمة العدالة والحرية والكرامة التي تمثل أساس الحكم الإسلامي. ومن هذه الحقيقة ومن تطبيقها في الخارج يتأسس كيان الوطن الواحد. أما التمييز بين أجزاء الجسد الواحد بناء على اعتبارات طائفية ومناطقية فهو الذي يشعل شرارة التفكك والتمزق داخل الجسد الواحد. فوحدة الوطن لا تبنى إلا على وحدة الحقوق، وتماسك البلاد لا يشيد إلا على نظام ينشد العدالة ويسعى من أجل تطبيقها.
ومن هنا نقول: إن السياسات المستبدة القائمة على التمييز في الحقوق والاستئثار بمواقع القدرة - مع مضي فترة مديدة من الزمن - تؤسس إلى النزعات الانفصالية المناطقية. فالمجتمعات التي أغلقت عليها منافذ الإصلاح وأوصدت عليه أبواب التغيير سوف تتحرك نحو الانفصال بشكل طبيعي وتلقائي، لأن كرامة الإنسان مقدمة على وحدة الأرض.
هناك بعض التيارات السياسية والثقافية وإن كانت تؤمن بتقدم كرامة الإنسان على وحدة الوطن من ناحية فلسفية، إلا أنها في سلوكها العملي تقدم وحدة الأرض - المجوفة والفارغة من الحقوق - على كرامة الإنسان، فتجد أنها تتغاضى عن سلب الكرامات وغصب الحقوق وسحق الإنسان من أجل وحدة الأرض الفارغة من النظام الواحد العادل. ونجد أن هذه الاتجاهات وقعت في مغالطة واضحة ومكشوفة، حينما ركزت على إدانة خيار الانفصال، حتى أصبحنا لا نعلم من الذي يهدد وحدة الوطن ويضر بتماسك البلاد، هل هو النظام القائم على التمييز بين المواطنين، أم هي الدعوات التي تطالب بإقامة الحق ورفع التمييز؟!
ولهذا نقول إنما ينبغي التركيز عليه في مواقفنا -الإعلامية الخارجية والداخلية- هو إدانة من يحرك الأسباب الحقيقية التي تدفع المواطنين المضطهدين لخيار الانفصال. أما التنديد بخيار الانفصال الذي يفرزه التمييز الطائفي والمناطقي ففيه تغافل عن الأسباب الحقيقية التي تولد هذه النزعة.
كما أنه من المهم جداّ الإشارة إلى جهة أخرى هي التي تدفع بالوطن إلى الانفصال، وهي الفكر المتشدد. فالفكر المتشدد الذي لا يجيد إلا لغة التكفير والإقصاء هو الذي يصنع حالة التنافر بين مكونات الوطن بمذاهبه المختلفة، وهو الذي يجعل من الانسجام بينه وبين الآخر المختلف من المستحيلات التي لا يمكن أن تتحقق.
وأغلب الظن أن ما ذكرناه من أسباب ليس بعيد على أهل النظر، لكونه من الواضحات عند ممتهني السياسة، إلا أن هناك سابق إصرار على إدانة هذا الخطاب الذي يحمل صبغة تصعيدية تخالف النهج العام لبعض التيارات الداخلية.
(ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
)|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
( | ~ {قرووب البصيرة الرسالية) . . (للأخبار والمواضيـع الرسالية} ~ | )
)|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
(ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )
لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:
http://groups.google.com/group/albaseera
ملحق ذا فائدة:
* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5902&post=19686&uid=36375794025#/group.php?gid=36375794025
* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/user/nwrass2009
* لمشاهدة قناة العلامة النمر على الشيعة تيوب على هذا الرابط:
http://www.shiatube.net/NWRASS2009
* لتنزيل إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر والذي يحوي 1902 محاضرة:
http://www.4shared.com/dir/10157159/d7de52b5/sharing.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق