السلام عليكم ورحمة الله

نرحب بكم معنا في مدونة البصيرة الرسالية التي نحتفظ بنسخة من رسائلنا المرسلة على قروبنا (البصيرة الرسالية).

تنويه:-

1- من يرغب أن تصله رسائلنا على بريده ليشترك عبر هذا الرابط:

http://groups.google.com/group/albaseera/subscribe

وتأكيد اجراءات الاشتراك من الرابط.

2- لمشاهدة المواضيع السابقة تجدونها مفروزة على حسب أيام الإرسال وذلك من خيار: (أرشيف المدونة الإلكترونية) بالجانب الأيمن من الصفحة.

3- نظراً لطول بعض المواضيع هنا مما يجعل الصفحة طويلة للقارئ سنلجأ إلى وضع جزء من الموضوع وقراءتكم لباقي الموضوع في نهايته بالضغط على الزر الموجه في آخر الجزء المرفق.

ونأمل لكم الفائدة معنا..

20 ديسمبر 2011

سلسلة دراسة: (المجتمع والطائفية والسلطة: رؤية قرآنية (الحلقة (2) ثانياً: الطائفية في المجتمع)_ساهموا بنشره معكم

المجتمع والطائفية والسلطة: رؤية قرآنية (4 / 2) (*)

م عنوان المقال لقراءة المقال عبر الرابط
1
الحلقة (1)  توطئة +أولاً: وقفة مع البحث
2
الحلقة (2) ثانياً: الطائفية في المجتمع
3
الحلقة (3) ثالثاً: الطائفية في الدولة
4
الحلقة (4) رابعاً: موقف الإسلام من الطائفية + خاتمة

الدراسة بقلم سماحة الشيخ عباس السعيد
https://fbcdn-sphotos-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/381860_328845080477516_227320773963281_1196309_964324040_n.jpg

ثانياً: الطائفية في المجتمع

الطائفية بما هي مظهر للصراع والاحتراب الاجتماعي، ينبغي ملاحظتها من خلال عاملين أساسيين: دور الدين المُحرّف في صناعة العقلية الطائفية والعصبية المذهبية ومسؤولية علماء السوء عنه، والآخر توظيف النخبة الدينية للطائفية من أجل الوصول إلى أطماعها في الرئاسة والسلطة الدينية على المجتمع.

1- الدين المُحرّف وصناعة الطائفية
الطائفية هي نتاج نظام عقائدي وثقافي مغلق تتم صناعته عبر مراحل، يمكن أن نتصيدها من خلال ملاحظة الآيات التي تعرضت لدور علماء السوء في تحريف الدين وتوظيفه في صناعة الصراعات الدينية. والطائفية كبناء يتأسس على ما يلي:


1. العقلية الإقصائية: وهي تتأسس على ركنين أساسيين: الانغلاق الفكري، وتقديس الانتماء الديني والمذهبي، وإن شئت فقل، هي تتقوم على العقلية المغلقة والأحادية.

ولأن الناس أعداء ما جهلوا، يؤسس الانغلاق الفكري إلى صناعة عقلية عدائية وإقصائية مع الآخر المذهبي، خاصة إذا نُسجت عن الآخر صور مختلقة قائمة على الكذب والتضليل والافتراء.

وقد أشارت آيات القرآن إلى أن ظاهرة الإقصاء والإلغاء مردها إلى الجهل، قال تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ)، والذي ينشأ من سياسة الانغلاق وعدم الانفتاح على الآخر.

ولأن الجهل وضيق الأفق يمثل أساس العقلية الإقصائية، يعمد علماء السوء والنخبة الدينية إلى إتباع سياسة تجهيل المجتمع وتضليله وفرض حالة الانغلاق الفكري من أجل ضمان بقاء التصورات النمطية عن الآخر الديني والمذهبي.

وهذا ما أشارت له آيات قرآنية في مواطن متفرقة، منها قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) (1).

إذ أنها صرحّت بأن عدم تحمل علماء السوء لمسؤوليتهم في البيان والتزامهم طريق الكتمان والتجهيل كان من أجل المحافظة على امتيازاتهم الذاتية: (وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) .

وهكذا فإن تقديس الانتماء المؤسس على الجهل بما يتضمن من الاعتقاد بامتلاك الحق المطلق، ينتجُ النظر للآخر نظرة دونية قائمة على الإقصاء والإلغاء والتوهين. وقد أشارت بعض الآيات القرآنية إلى تقديس اليهود والنصارى لانتمائهم الديني وإلغاء الآخر: (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى) (2)، حيث جاءت تلك الدعوى عند أهل الكتاب لتعبر عن حالة تقديس الانتماء الديني والمذهبي المؤسسة على الجهل، وما تفرزه من إلغاء الآخر وإقصائه.

وقد تعرضت الآيات القرآنية لمشكلة التقديس والعصبية عند أهل الكتاب، في مثل قوله تعالى : (وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ*قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (3)، وقد أشارت الآيات إلى ما يلي:

أ: نفي قداسة الانتماء المجرد بعيداً عن الإتباع المنهجي: (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) .

ب: إن الانتماء المنهجي لا يجتمع مع العصبية والتعامل الطائفي مع الآخر: (لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) .

وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ* ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ) (4)، حيث أشارت الآية إلى أن الثقافة الإقصائية والتي تنتج العصبية هي من صنع علماء السوء، وذلك بحسب ما يدل عليه التعبير: (الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ) .

وثمة تأثير متبادل بين الانغلاق الفكري وتقديس الانتماء، إذ أن الانغلاق الفكري ينتج الجهل الذي معه يسهُل تصديق إدعاء الكمال.

وهكذا يدفع الشعور بقداسة الانتماء الديني والمذهبي إلى الانغلاق إذ لا يرى حاجة للانفتاح على الآخر.

2. الإساءة للآخر وتوهينه في عقائده وشعائره ومقدساته ورموزه: وهي دائماً ما تتكئ على غطاء ديني وثقافة إقصائية تبثها النخبة الدينية لاحتكار الحق في قالبها وتوهين الآخر وإهدار حقوقه الدينية. ولذا نجد أن المذاهب ذات السلوك العدواني تؤسس مشروعها الطائفي على فلسفة إقصائية تبرر ممارسة الإساءة والتحزب ضد الآخر.

وبملاحظة سياق آيتي سورة البقرة (113-114) والتأمل في حكمة التقديم والتأخير بين الآيتين الكريمتين، يبدو لي أن فيه إشارة إلى أن السلوك الطائفي دائماً ما يبني شرعيته على ثقافة طائفية وإقصائية.

قال تعالى: (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ* وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ* وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (5).

وهذا المقطع يمثل مشهد الإقصاء والتعصب بين الطوائف الدينية وما ينتج عنه من إساءات واعتداءات طائفية بحق الآخر المُختلف. ونلاحظ أنه بعد أن أشارت الآية (113) إلى مشهد التعصب والإقصاء المتبادل بين اليهود والنصارى، توعدت الآية (114) بعدها الذين يمارسون التضييق والتنكيل لمنع الذكر في بيوت الله ويسعون إلى خرابها وإزالتها، ولعله من حِكم التقديم والتأخير ما ذكر.

على أن إساءة كل منهما للآخر المُشار لها في الآية (113) لا تكون إلا في ظل ثقافة متطرفة تحرض على الإقصاء والإلغاء للمُخالف.

والآية الكريمة (26) من سورة الفتح تهدينا إلى رؤى وبصائر في معرفة شخصية المجتمعات الطائفية التي تأخذها الحمية عند الاختلاف، كما ترشدنا إلى معرفة شخصية المجتمعات المؤمنة التي لا يمنعها الاختلاف عن التمسك بمنهج الله.

قال تعالى: (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا* إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (6).

ومنها نستوحي البصائر التالية:

1- قد نسبت الآية الكريمة الجعل إلى الكفار، في قوله تعالى: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ) لأن ثقافتهم الجاهلية القائمة على العصبية وتقديس السلف وما عليه الآباء والأجداد هي أساس الحمية والاستكبار على الحق والعصبية على حملته.

وجعلُ القلب ظرفاً ومحلاً للحمية لأنه مركز الأهواء والعواطف وسائر الخصال الأخلاقية من فضائل ورذائل.

ومن أشد الرذائل التي تنبت في القلب الأنانية وحب الذات، والتي تمثل الجذر الأساس للعصبية للانتماء والجماعة، والانغلاق على الآخر المُخالف.

وتعبير الآية الكريمة بـ (حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ) فيه إشارة إلى أن الحمية والعصبية مردها إلى الجهل والثقافة الجاهلية التي تكرس العصبية والكراهية للمُخالف.

والجهل هنا في قبال العقل، حيث غلبة الأهواء وحب الذات والتعصب والتحزب، الأمر الذي يمنع من الانفتاح على الحق ونقد الذات والانتماء، ويدفع نحو العدوان والإساءة للآخر المذهبي في عقائده وشعائره ورموزه.

كما يستفاد ذلك من الآية الكريمة (25) وما أشارت إليه من صد كفار قريش للمؤمنين عن المسجد الحرام ومنعهم إياهم عن أداء شعيرة الحج.

2- وكلمة التقوى التي ألزم الله سبحانه المؤمنين بها هي التي تخرج الفرد من سجن التحزب للانتماء وتحرره من قيود الأنا والحمية والعصبية، فيتمكن من النقد والحوار البناء والتقييم الموضوعي للمذهب والطائفة.

2- علماء السوء وحب السلطة
تعرض الذكر الحكيم في مواطن متفرقة إلى الدور الذي يمارسه علماء السوء في صناعة الفتن والصراعات الطائفية.

وقد أشارت الآيات القرآنية إلى أن إرادة العلو وحب السلطة والرئاسة هي الخلفية الحقيقية التي تدفع علماء السوء لافتعال الصراعات الطائفية.

قال تعالى: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (33) ) (سورة التوبة/ 31-34) .

تعرضت الآيات الكريمة المتقدمة إلى السلوك الطائفي والدور السلبي المضاد الذي واجه به أهل الكتاب دين الإسلام وحملته.

وأشارت الآية (32) إلى سعيهم لإطفاء نور الله والقضاء على الإسلام ديناً وكياناً، الأمر الذي لا يمكن أن يُتصور بدون صِدام مع حملة الدين الجديد على الصعيد الثقافي والسياسي على السواء.

لذا من الطبيعي أن يعمدوا إلى إثارة الشبهات وصناعة العراقيل وحياكة المؤامرات لعلهم يتمكنون من إيقاف مد الإسلام.

أما الآية (33) فقد صرّحت بأن علماء أهل الكتاب كانوا يقفون في خط الدفاع الأول ضد دين الإسلام الذي كان يعرض سلطتهم الدينية إلى الاهتزاز والسقوط.

ويتضح السلوك الطائفي عند علماء أهل الكتاب والمُشار إليه في الآيات من خلال التأمل في قوله تعالى: (وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)، وهنا فلنلاحظ ما يلي:

أ: التعبير بالصد يتضمن إشارة واضحة للمنهجية الطائفية التي كانت تتبعها السلطة الدينية الكتابية لمقاومة نور الإسلام، وعُبّر عنه بالفعل المضارع (يَصُدُّونَ) للإشارة إلى مساعيهم المستمرة من أجل منع مجتمعاتهم عن الدخول في الإسلام.

ولأن اعتناق أهل الكتاب لدين الإسلام وانضوائهم تحت حكومته العادلة يقوض كيان السلطة الدينية الكتابية من القواعد، أصبح الصراع الذي يخوضه علماء السوء من أهل الكتاب مع الإسلام صراعاً على الوجود، وأصبح صد الناس عن اعتناق الإسلام الوسيلة التي تمد سلطتهم بالاستمرار والبقاء.

ب: إن صد أهل الكتاب عن الدخول في الإسلام لا يتأتى إلا بحربٍ إعلامية طائفية مُضللة ضد الدين الجديد وضد حملته.

ومن الملاحظ أن كل حملة طائفية تناهض المد المذهبي للآخر المُختلف تستهدفه على محورين:

أولاً: الهجوم الطائفي على ذات الدين أو المذهب: وهذا يبتني على الكذب والتزييف والاختلاق وإثارة الشبهات حول عقائده ومبادئه وشعائره الخاصة لصرف المجتمع عن التوجه إليه.

ثانياً: الهجوم الطائفي على حملته: وذلك من خلال الكذب عليهم واستهدافهم إعلامياً من أجل إسقاطهم وصرف الناس عنهم.

وقد استغل علماء أهل الكتاب مكانتهم الدينية وعملوا على الاستخفاف بالمجتمع وتجهيله للوصول إلى السلطة والرئاسة والإمساك بمقام السلطة التشريعية.

ولهذا أشارت الآية (31) إلى أن أهل الكتاب أسلموا رقابهم في حقل التشريع والسياسة إلى علماء السوء بدلاً من الخضوع لله سبحانه وشريعته: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ) .

كما أشارت الآية (33) إلى استغلال علماء أهل الكتاب لمكانتهم الدينية في أكل أموال الناس بالباطل: (كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) .

ومن هنا، فإن السلوك الطائفي الذي ظهر به علماء أهل الكتاب كانت له أجندة معلنة وأخرى غير معلنة. أما المعلنة فهي حماية العقيدة والدفاع والذود عنها من كل الأخطار، وأما غير المعلنة فهي المحافظة على عرش السلطة الدينية وما كان توفره لهم من امتيازات تشريعية وسياسية ومالية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) دراسة طرحت في مؤتمر القرآن بسيهات، سنة 1432هـ
(1) سورة آل عمران، 187
(2) سورة البقرة، 111
(3) سورة البقرة، 135-136
(4) سورة آل عمران، 23-24.
(5) سورة البقرة، 113-114
(6) سورة الفتح، 25-26.


--
https://fbcdn-sphotos-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/376557_326950387333652_227320773963281_1190871_984018650_n.jpg 

(ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
( |  ~ {قرووب البصيرة الرسالية) .. (للأخبار الرسالية والمواضيع الهادفة} ~ | )
(ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )
* لتصفح مدونة البصيرة الرسالية وقراءة المواضيع المنشورة حديثاً وقديماً:
http://www.wlidk.net/upfiles/hj069301.gif 

أو عبر (PickerQrCode)

 * للإنضمام لصفحة قروب البصيرة الرسالية على الفيس بوك لمتابعة جديد ما ننشره:
* ليصلكم ما ننشره بالبريد الإلكتروني اشتركوا في (قروب البصيرة الرسالية):
http://groups.google.com/group/albaseera
 
الضغط على هذا الرابط التالي:

وتأكيد الاشتراك منكم لتعذر الإضافة مباشرة منا بعد تحديثات قوقل الأخيرة
ملحق ذا فائدة (محدث):
* صفحة آية الله المجاهد الشيخ نمر النمر (حفظه الله) بالفيس بوك:
www.facebook.com/Shaikh.Nemer

* صفحة (صفحة جامع الإمام الحسين (ع) بالعوامية) بالفيس بوك:

* لمشاهدة فيديو آية الله النمر في اليوتيوب :
www.youtube.com/profile?user=nwrass2009
 
* إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر (يحوي 1902 محاضرة):
www.4shared.com/dir/10157159/d7de52b5/sharing.html
لا تنسونا من صالح دعائكم
وإفادة الآخرين مما يصلكم منا
مع تحيات: البصيرة الرسالية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق