السلام عليكم ورحمة الله

نرحب بكم معنا في مدونة البصيرة الرسالية التي نحتفظ بنسخة من رسائلنا المرسلة على قروبنا (البصيرة الرسالية).

تنويه:-

1- من يرغب أن تصله رسائلنا على بريده ليشترك عبر هذا الرابط:

http://groups.google.com/group/albaseera/subscribe

وتأكيد اجراءات الاشتراك من الرابط.

2- لمشاهدة المواضيع السابقة تجدونها مفروزة على حسب أيام الإرسال وذلك من خيار: (أرشيف المدونة الإلكترونية) بالجانب الأيمن من الصفحة.

3- نظراً لطول بعض المواضيع هنا مما يجعل الصفحة طويلة للقارئ سنلجأ إلى وضع جزء من الموضوع وقراءتكم لباقي الموضوع في نهايته بالضغط على الزر الموجه في آخر الجزء المرفق.

ونأمل لكم الفائدة معنا..

27 يونيو 2009

نص+صوت خطبتا الجمعة ‏(1)‏ الامة بين الإعلام القيمي والمصلحي 2) الأئمة يقودون حركة الاصلاح) لسماحة الشيخ عباس السعيد_ ساهموا بنشرها معكم

خطبتي الجمعة بتاريخ 3-7-1430 هـ 
الخطبة الصوتية (1): الامة بين الإعلام القيمي والمصلحي

الخطبة الصوتية (2): الأئمة يقودون حركة الاصلاح
http://www.mediafire.com/?n5kuny42m0w

كلا الخطبتين الصوتية معاً:
http://www.mediafire.com/?ymjoy4qi1lk


http://albaseera.googlegroups.com/web/%D8%B4%D9%8A%D8%AE+%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF2.jpg?gda=wfDK6ocAAAAaEI6q13t3NKEponfgG5OxnqElHNoEkJcW4TgbKBw66Wf_J335S0nvJM8I7KelEC35oHdtEyiDRihpYuyDcmDcY6vMLTs5Xxq-a7lPfHofrbo8AHmRqGt617AqF5IVXYIWGC9bGGc8UNhVpRlrHL3e4jX5QZ0vdHnBDt87893RKnleHbr-qQzBoYYWXY0JTQM

خطبتا الجمعة بتاريخ: 3/7/ 1430
الخطبة الأولى: الأمة بين الإعلام القيمي والمصلحي

إن الإنسان هو المحور الأساس في عملية التغيير والإصلاح، فكل مجتمع ينشد الإصلاح، وكل حركة تتطلع نحو التغيير، تجعل من الإنسان محوراً لحركتها ومسيرتها، بل إن كل من يتطلع إلى أن يمتلك زمام الحياة لا بد له أن يمتلك رصيداً إنسانياً يعضدُ حركته ومسيرته، ولهذا نجد أن قوى الشر في العالم تجند آلتها الإعلامية من أجل الاستحواذ على عقل الإنسان.
أهمية الإعلام ودوره
وهكذا كل مجتمعٍ، وكل حركة تستهدف التغيير والإصلاح لا بد لها أن تمتلك سلاح الكلمة، لا بد لها أن تمتلك الإعلام الهادف الموجه، فالكلمة لها تأثيرٌ كبير على رؤى الإنسان ومواقفه، فهي التي تبلور وعي المجتمع بأهدافه وتطلعاته، وهكذا الإعلام هو الذي يصيغ رؤى المجتمع السياسية والثقافية، التي عليها تتشكل المواقف، وعليها يتكون الرأي العام.
فللإعلام دورٌ خطيرٌ في التأثير على مسيرة الأمة، فهو الذي يدفع الأمة إلى قيمها وتطلعاتها وأهدافها، وهو الذي يُبعد الأمة عن قيمها وأهدافها، فهو إما أن يبلور شخصية هذه الأمة وهويتها الأصيلة، وأما أن يكون أداة لتفتيت هذه الأمة، والقضاء على هويتها وشخصيتها.
ولهذا يمكننا القول: أن وعي الأمة على الصعيد السياسي والثقافي محكومٌ بالإعلام، ولهذا أدرك الغرب بأنه متى ما هيمن على الإعلام متى ما هيمن على هذه الأمة، فالهيمنة الإعلامية طريقٌ للهيمنة على العقول، وكان الغرب ولا زال يستخدم الإعلام كسلاحٍ فتاكٍ للإجهاز على ما تبقى في هذه الأمة من قيمٍ ومن شخصية، وهكذا أدرك الجاثمون على صدر هذه الأمة خطورة الإعلام، ولهذا أصبح الإعلام رهينة عند أصحاب المصالح، لأنهم يدركون تداعيات الحرية الإعلامية، وماذا يعني أن يبقى الإعلام طليقاً حراً من الأصر والأغلال!
إن الإعلام اليوم ليس مجرد قناة لنقل الأخبار السياسية والثقافية، وإنما هو أداة حاسمة ومفصلية في توجيه الرؤى والمفاهيم، وبالتالي تشكيل سلوك الأمة الثقافي والسياسي، بل تشكيل الرأي العام حيال أي قضية من القضايا التي تدور في الساحة، بل إن الأمر أعظم من ذلك، حيث أن الغرب بات يستخدم الإعلام من أجل غسل الأدمغة البشرية، وتوجيهها كيف يشاء وبحسب مصالحه، وذلك من خلال تزييف الحقائق وتشويه المفاهيم.
ويكفي أن نعرف أن ما يقارب من 90% من مصادر الأخبار تأتي من وكالات الأنباء العالمية التي يهيمن عليها الغرب، كما تشير إلى ذلك الدراسات، وهذا يكشف عن نسبة هيمنة وتسلط الإعلام الغربي على واقعنا.
ولهذا تجد مثلاً أن وسائل الإعلام الغربية توجهت بشكل كبير إلى التأثير على الساحة الإيرانية، حتى أفردت بعض وسائل الإعلام الأجنبية المعروفة قناة خاصة باللغة الفارسية من أجل التأثير على الشعب الإيراني، بل أن الغرب أشعلت حرباَ إعلامية ضارية تكالبت فيها قوى الشر في العالم على الجمهورية الإيرانية من أجل إضعاف وتشويه صورة النظام في العالم.
وسائل الإعلام القيمية والمصلحية:
ومن هنا نستطيع القول أن وسائل الإعلام عندنا على قسمين: وسائل الإعلام القيمية التي تحمل على عاتقها بلورة القيم الرسالية في روح الأمة، كالحرية والكرامة والعدالة وتحقيق التغيير الجذري والإصلاح الشامل، وهناك وسائل الإعلام المصلحية التي تستهدف تحقيق أهداف شخصية، وهذا مثل وسائل الإعلام التي تحركها بعض أجهزة الدول الاستكبارية من أجل تحقيق أجندة خاصة.
فحينما ننظر إلى وسائل الإعلام الغربية وأذنابها في المنطقة، نجد كيف أنها تستهدف تحقيق مصالح ذاتية، لكنها تأتي وتتستر خلف شعارات براقة، فتنظر للجمهورية الإسلامية عن حقوق الإنسان وعن الديمقراطية، وكل ذلك هراء، فهي لا تتحرك من أجل حقوق الإنسان ولا من أجل الديمقراطية، وإنما تتحرك من أجل مصالحها، واتفقت مصالحها في دعم الاعتراضات والاحتجاجات التي حدثت بعد الانتخابات الرئاسية، وإلا لماذا لم نرى هذه الأصوات الإعلامية الغربية، ولماذا لم نجد هذا الاستنفار والتجييش والحرب الإعلامية تتوجه إلى الكيان الصهيوني حينما كانت مجازره تحصد أرواح الأبرياء في غزة، يا ترى فأين هي حقوق الإنسان الذي يدعي الغرب أنه يدافع عنها، والكل يعرف أن الغرب إما منتهك لحقوق الإنسان وإما حارس لمنتهكي حقوق الإنسان.
ولهذا فإن وسائل الإعلام القيمية لها أهدافها وتطلعاتها الكبرى التي تنشد تحقيقها، كما أن وسائل الإعلام المصلحية لها أهدافها الشخصية ومكاسبها التي تتحرك من أجلها، وسائل الإعلام إن كانت مؤسسة على القيم، فإنها سوف تتمكن من أن تزرع كثير من القيم والأهداف الكبرى في داخل الروح الاجتماعية، فهي التي تدفع المجتمع والأمة للدفاع عن الحرية والكرامة، وهي التي تدفع المجتمع والأمة لمواجهة التحديات السياسية والثقافية، وهي التي تلفت المجتمع والأمة إلى المؤامرات التي تحدق بها من كل حدب وصوب، وهي الذي تبلور الوعي لما يحدث في الساحة السياسية سواءً على المستوى المحلي أم على المستوى الإقليمي، أم على المستوى العالمي.
 ولهذا فإن وسائل الإعلام الذي تتأسس على القيم تعد وسيلة هامة من وسائل التأثير، ولها دور كبير في صياغة شخصية المجتمع وتنمية الإرادة الاجتماعية خصوصاً حينما تغيب مجموعة من القيم عن وعي المجتمع والأمة.
أما الإعلام المصلحي فله آثاره السلبية على المجتمع وعلى الأمة، لأنه يوجه الأحداث وفق مصالح جهوية، سواء كانت هذه المصالح تخدم طائفة معينة، أو عرق معين، أو قومية معينة، أو جماعة معينة، والإعلام الذي يتجرد عن القيم، والذي يجعل مصالحه الغاية التي يتحرك من أجلها،لا يرى أي اعتبارية للقيم وللأخلاق إلا بما يحقق مصالحه ومكاسبه الذاتية، ولهذا هو لا يتورع عن إشعال الفتن بين الناس من أجل الوصول إلى مصالحه، فتجد أن الفتن تشتعل بين الدولة والدولة، وبين الحزب والحزب، وبين الجماعة والجماعة، من أجل الوصول إلى بعض الغايات الرخيصة لبعض أصحاب المصالح، بل إن الإعلام إذا كان فاسداً ومصلحياً، فإنه سوف يمسخ هوية المجتمع والأمة ثقافياً وسياسياً، فالإعلام قد يسلب من المجتمع عفته، أو يضعف تمسك الأمة بقيادتها، وهكذا يستخدم الإعلام لحياكة كثير من المؤامرات وتحقيق كثير من المصالح لأرباب السياسة.
الأخلاقيات الإعلامية ضرورة هامة:
فهنا لعل لقائل أن يقول: إذا كان لوسائل الإعلام هذا الدور الخطير والمفصلي، كيف نميز ونفرق بين وسائل الإعلام القيمية وبين وسائل الإعلام المصلحية؟
الأمانة الإعلامية:
في الحقيقة إن هناك مجموعة من الأخلاقيات الإعلامية والتي من خلالها نتمكن من تمييز وسائل الإعلام القيمية عن وسائل الإعلام المصلحية، ومن أبرز هذه الأخلاقيات الأمانة، فوسائل الإعلام ينبغي أن تتحلى بالأمانة في نقل المادة الإعلامية، أن تنقل الحدث بأمانة وصدق بعيداً عن تحريف الحقائق وخلط المفاهيم، فسواءً كان هذا الحدث يصب في مصلحتها، أم يصب في مصلحة الأطراف الأخرى التي تختلف معها، مقتضى الأمانة أن تنقل وسائل الإعلام الحدث كما هو بدون تحريف أو تزييف، وهذا الأمر لا يكون إلا إذا سمت وسائل الإعلام إلى الحق وتجردت من الغايات الرخيصة والمكاسب الذاتية.
ولو جئنا لنضع وسائل الإعلام في ميزان الأمانة، لوجدنا بأن كثير من الكتاب الذين يكتبون في المجال الإعلامي، سواءً على الصعيد العالمي، أو الإقليمي، أو المحلي، لا يتقيدون بالأمانة، وإنما ترى منهم تحريف الحقائق وخلط المفاهيم، فتحرف الحقائق، فالإصلاح يصبح إفساد، والجهاد يصبح غوغائية، ولاية الفقيه وقيادة العلماء الربانيين تصبح ديكتاتورية، ولهذا من السلبيات التي يقع فيها الإعلام تزوير الحقائق وخلط المفاهيم.
طبعاً على مستوى الشعارات الكل يرفع شعارات، الكل يدعي أنه ينشد الإصلاح والتغيير، لكن المهم هو تطبيق هذا الشعار..(وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ)[1]، فهم على مستوى الشعارات تراهم يرفعون الشعارات البراقة والجذابة، ويدعون الأمانة الإعلامية، لكن حينما تدقق في الواقع العلمي لا ترى لهذا الشعار أي أثر! وهذا الأمر في الحقيقة يجرنا إلى نقطة مهمة وغاية في الأهمية، وهي مسألة التضليل الإعلامي، والذي تمارسه وسائل الإعلام الغربية ومن لف لفها، حيث تراها تطرح المغالطات والأكاذيب وتعرض من الحقائق ما يتناسب مع مصالحها، فترى وسائل الإعلام الغربية وغيرها حينما تتعرض إلى ما يحدث في المشهد الإيراني لا تركز على ما يحدث من اعتداءات على ممتلكات الدولة من قبل المندسين وغيرهم، وإنما تأتي وتصور النظام الإيراني على أساس أنه نظام ديكتاتوري متشدد قامع للحريات، وفي الحقيقة إن تحريف الحقائق يعدُ خيانة للأمة، لأن الأمة وضعت وسائل الإعلام موضع الأمانة، وحينما تعمد وسائل الإعلام إلى تحريف الحقائق، هذا يعد خيانة لهذه الأمانة.
الموضوعية:
 الصفة الأخرى التي ينبغي على وسائل الإعلام أن تتحلى بها هي الموضوعية وعدم التحزب في التعامل مع المادة الإعلامية، حيث ينبغي على وسائل الإعلام أن تعرض المادة الإعلامية، سواءً كانت مادة إعلامية سياسية، أم كانت هذه المادة ثقافية، ينبغي أن تعرضها بحيادية تامة، فلا تميل إلى طرف، وتقف في وجه الطرف الآخر، فمن السلبيات التي تقع فيها بعض وسائل الإعلام مشكلة التحزب واللاموضوعية، حيث تكون الحزبية هي الحاكمة، فتجد أن بعض وسائل الإعلام لا ترى إلا ذاتها ورموزها والجهات التي تقف خلفها، فتهمش الآخرين، ولا تقف على مسافة واحدة حيال الأطراف الأخرى التي تختلف معها، سواء كان الآخر المختلف دولة إسلامية، أو شخصية سياسية، أو رموز دينية.
وهذه النقطة تلحظ على بعض وسائل الإعلام الإقليمية، بل حتى المحلية أنها لا تخلو من الحزبية وعدم الحياد، ولهذا ترى بعض وسائل الإعلام حينما تتعرض إلى بعض الدول أو الشخصيات التي تختلف معها، لا تتعرض إلى النقاط الإيجابية فيها، وإنما تصورها كومة من السلبيات.
ووسائل الإعلام المصلحية عادة حينما تختلف مع خصمٍ من خصومها تجد أنها لا تتمتع بالنزاهة والموضوعية، وإنما غالباً ما تلجأ إلى الأساليب الملتوية، وتعتمد على تزوير الحقائق وخلط المفاهيم من أجل التجييش الاجتماعي، وخطأ فادح ما تقع فيه بعض وسائل الإعلام حينما تسيء إلى الرموز الدينية، خاصة حينما يكون ذلك خارج إطار النقد الموضوعي، ذلك لأن الإساءة إلى الرموز الدينية بغير وجه حق يسبب التمزق الاجتماعي وإضعاف وتوهين القيادات الدينية.
إن الإعلام ينبغي أن يكون آلة ثقافية من أجل خدمة القيم والمصالح العليا للمجتمع وللأمة، لا أن يكون في خدمة المصالح الجهوية والفئوية والطائفية، وهذا الكلام ينبغي أن يتحول إلى واقع عملي، لا مجرد شعارات، بعض وسائل الإعلام قد تدعي بأنها تفتح المجال لجميع الآراء، لكن حينما يأتي الرأي الآخر ترى أن الصدور تضيق لهذا الرأي، حتى وإن كان هذا الرأي حق، فقط لأن هذا الرأي يخالف مصالحها.

ضرورة الحاجة إلى وسائل الإعلام:
وهنا نقول مجدداً: إن وسائل الإعلام لم تعد مجرد قناة لنقل الأخبار، وإنما غدت سلاحاً مهماً من أجل التأثير على رؤية الإنسان، ومن ثم التأثير على مواقفه، والمجتمعات وإن كانت قد تفطنت إلى كثير من وسائل الإعلام التي ماتت فيها الأمانة والموضوعية، إلى أن الأمة لا تزال بحاجة إلى وسائل الإعلام التي تتصف بالصدق والكفاءة والتي تسعى من أجل تحقيق الأهداف الكبرى التي يتطلع إليها المجتمع والأمة، وهنا لا بد من الإشارة إلى عدة أمور:
الأمر الأول: إن وسائل الإعلام هي لغة التعبير في هذا العصر، بل إن الإعلام هو أحد محاور الصراع الأساسية بين جبهة الحق، وجبهة الباطل، بين الأمة الإسلامية والاستكبار والطغيان، ونحن في الوقت الذي نرى فيه أعداء الأمة يبذلون أقصى الجهد من أجل تطوير أدائهم الإعلامي ومن أجل استهداف بقية الشعوب، تجد بأننا نفرط في هذه الوسيلة الهامة والضرورية، فلا بد من السعي الدؤوب في تطوير الأداء الإعلامي الذي يتصف بالصدق والكفاءة.
الأمر الثاني: ثم إنه ينبغي علينا أن نعالج الإشكاليات الموجودة في واقعنا الإعلامي، فالثقافة ينبغي أن يكون لها حضور واضح على الصعيد الإعلامي، كما ينبغي أن يكون هناك تفاعل اجتماعي مع الثقافة، يذكر بعضهم أن جل تركيز الإعلام العربي في الصحف والجرائد على اللقاءات السياسية والرياضة والإعلانات التجارية، ولا نصيب للثقافة أبداً في الإعلام العربي، أي أن الإعلام العربي غارق في مأساة ثقافية، والإنصاف أنه وكانت الثقافة اليوم أكثر حضوراً في الساحة الإعلامية إلا أن التفاعل الاجتماعي مع الحراك الثقافي لا يزال دون المأمول، وذات الأمر ينطبق على القنوات الفضائية، ويبدو أنه لأن واقعنا كان يسير بهذه الطريقة مدة مديدة من الزمن، صار من الصعب علينا أن نتجاوزه، فينبغي علينا أن ندرك بأن الإعلام ليس إلا ترجمة عملية لفكر الأمة، وما فيها من توجهات سياسية وثقافية.
الأمر الثالث: الإنترنت يعد ساحة إعلامية هامة، ونحن بحاجة إلى استثمارها بشكل أكبر من أجل المساهمة في التنوير الثقافي والسياسي وزيادة الوعي، فنحن لا زلنا نفتقر إلى المواقع التي تتكفل بطرح القضايا الجادة، وتستكتب العلماء والمفكرين المبدعين والمتميزين، ثم إن التفاعل الاجتماعي له دور كبير في دفع العجلة الإعلامية إلى الأمام.
أسال الله سبحانه أن يوفق المؤمنين والمؤمنات لما يحبه ويرضاه.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد.



الخطبة الثانية: الأئمة يقودون حركة الاصلاح

إن الاتصال بين السماء والأرض لم تنتهي أهدافه بختم النبوة، والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان قد أدى مسؤولياته الرسالية كما أراد الله منه، وأبلى بلاءً عظيماً لا مثيل له على مر التاريخ، إلا أن الأمة لا تزال لها خطوات كثيرة لا بد أن تقطعها حتى تصل إلى الغاية المنشودة التي قدرها الله لها، ولهذا فإن الله سبحانه نصب الأئمة عليهم السلام من أجل تربية الأمة وسوقها إلى أعلى درجات الهداية التي تتحقق بظهور الإمام المنتظر فداه أرواح العالمين، فالأئمة من أهل البيت عليهم السلام كانوا يتعاقبون في أدوارهم، من أجل أن تكتمل سلسلة الهداية، فالتيار الرسالي والحركة الرسالية كانت في تنامٍ متصاعد منذ عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى قيام القائم(عج).
الإمام الباقر(ع) يبلور الخلفية الثقافية لحركات الإصلاح
إن هداية الأمة إلى كمالها المنشود يبدأ من خلال تربية الأفراد روحياً وعلمياً، وهذا ما تكفل به الإمام السجاد عليه السلام الذي كرس في روح الأمة القيم الإيمانية والروحية، والتي هي بداية التغيير، ثم جاء الإمام الباقر ومن بعده ابنه الإمام الصادق عليهما السلام اللذان تكفلا بتربية الأمة علمياً أكثر من أي شيءٍ آخر، لأن تخريج العلماء والطاقات والكفاءات خطوة ضرورية جداً حتى تتكامل الأمة في مسيرتها، فكل أمة، وكل مجتمع لا يمكن أن يصل إلى تحقيق التغيير الجذري والإصلاح الشامل بدون كفاءات وطاقات علمية تتحمل مسؤولية تربية المجتمع.
 ولهذا فإن الأدوار التي تحملها الإمام السجاد والإمامين الصادقين عليهم السلام لم تكن حركة روحية أو علمية، بعيدة عن تحقيق التغيير الجذري وتحقيق الإصلاح السياسي، وإنما كانت متصلة بذلك أشد الاتصال، لأن نواة التغيير والحجر الأساس في الحركة الرسالية تتمثل في القادة المصلحين الذين كانوا قد تربوا على أيدي الأئمة الطاهرين عليهم السلام، "وهذه مهمة الأنبياء والرسل عليهم السلام، فهم لا يحصرون أنفسهم في نطاق ضيق، من التغيير السياسي، أو التغيير الثقافي، أو الإصلاح الاجتماعي، وإنما يجمعون هذه الأعمال كلها ويوجهون الأمة توجيهاً شاملاً".[2]
"والإمام الباقر عليه السلام في حركته العلمية والفكرية كان يبلور الخلفية الثقافية للتغيير والإصلاح حتى تتحسس المجتمعات أهمية التغيير والإصلاح الاجتماعي والسياسي، لأنه حتى ينهض المجتمع ويتحرك من أجل الإصلاح لا بد له أن يتحسس نفسياً أهمية الإصلاح، وهذه مسألة هامة جداً، وبدونها لا يمكن للمجتمعات أن تنهض، بل أن وجود الإحساس النفسي مسألة ضرورية حتى يحدث الإنسان أي تغيير في حياته، فالإنسان لو لا إحساسه بضرورة أن يكون له بيتٌ يأويه، لما تحرك من أجل البناء، ولما كان كل هذا العمران على الصعيد المادي"[3]
وإن كان الإنسان بطبيعته يتطلع إلى الحرية والكرامة إلى أن تراكم الاستعباد والذل يجعل من الإنسان يألف الذل والعبودية.
"والتاريخ يحدثنا عن ( أبراهام لنكولن ) الذي أنقذ العبيد في الولايات المتحدة الأمريكية أبـّان الحرب المعروفة بين الشمال والجنوب، وألغى قانون الرق من الدستور، وأخرج العبيد الذين كانوا يعملون عند أسيادهم البيض في مصانعهـم وأراضيهم وتجارتهم إلى الحياة الحرة المستقلة، وانتهت بذلك سلطـة السادة على العبيد، ولكن الكثير من هؤلاء كانوا قد تعودوا على الذل والعبودية، فذهب الكثيـــرون منهم إلى أسيادهم ليبقوا تحت سلطتهم رغم الذل الذي كانوا يلاقونه، إن سبب ذلك يكمن في أن نفوسهم قد استعبدت"[4]وأنهم ألفوا الذل والعبودية، ولهذا من الأدوار المهمة التي اضطلع بها الأئمة عليهم السلام أنهم زرعوا حب الحرية والكرامة في نفوس الناس، حتى تتحسس أهمية الإصلاح والتغيير.
الإمام الهادي (ع) يقود الحركة الرسالية:
 ثم جاء الإمام الكاظم عليه السلام والذي تحمل مسؤولية كبيرة في قيادة الحركة الرسالية، وهكذا حتى جاء الأمر إلى الإمام الهادي عليه السلام الذي كان يغذي الحركة الرسالية، والتي وصلت إلى درجة عالية من النضج والتكامل، فكان من أبرز الأدوار التي اضطلع بها الإمام الهادي (ع) أنه كان يقود الرساليين المنتشرين في كافة البلاد الإسلامية، حيث كان الإمام الهادي (ع) يعين النواب والوكلاء، والذين من خلالهم يتمكن الإمام (ع) الاتصال بالحركة الرسالية، ولهذا كانت السلطات العباسية تتوجس من الإمام الهادي (ع) أشد التوجس، ولهذا دفع المتوكل بجنوده أكثر من مرة من أجل تفتيش بيت الإمام (ع) لعلها تصل إلى بعض المستندات التي تثبت أن الإمام (ع) في صف المعارضة، وفي تلك الفترة كان هناك طوق وسياج اجتماعي يحمي الإمام الهادي عليه السلام من خطر السلطات.
 روى المسعودي في تاريخه مروج الذهب عن ابن أبي الأزهر ، عن القاسم بن أبي عباد ، عن يحيى بن هرثمة قال : وجهني المتوكل إلى المدينة لأشخاص منهم علي بن محمد بن علي بن موسى (عليه السلام) لشيء بلغه عنه، فلما صرت إليها ضج أهلها وعجوا ضجيجا وعجيجا ما سمعت مثله فجعلت أسكنهم وأحلف أني لم أؤمر فيه بمكروه، وفتشت منزله، فلم اصب فيه إلا مصاحف ودعاء وما أشبه ذلك فأشخصته وتوليت خدمته، وأحسنت عشرته"[5]، وذلك الضجيج والعجيج كان تعبيراً عن رفض المجتمع المساس بشخص الإمام الهادي(ع)، فكان هناك التفاف واضح من قبل الحركة الرسالية، بل من قبل سائر الفئات الاجتماعية بالقيادة الرسالية المتمثلة في شخص الإمام الهادي عليه السلام.
على كلٍ قيادة الإمام الهادي عليه السلام للحركة الرسالية كان قد أقلقت السلطات العباسية، ولهذا أخذ الإمام الهادي (ع) من المدينة إلى سامراء، لكي يفصل عن قواعده الشعبية، ولكي يضيق عليه الخناق من مراقبة السلطات العباسية.
إن سيرة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام تعطي الإنسان وتوفر للمجتمع زخماً هائلاً لاقتحام المستقبل، والتاريخ الإسلامي مليء بالدروس والعبر ومليء بتجارب الحركات الرسالية التي كانت تستهدف الإصلاح والتغيير الشامل، وكل مجتمع يتطلع نحو التسامي لا بد له من قراءة التاريخ حتى يتعرف التجارب السابقة وما فيها من نقاط مضيئة تنير الطريق للرساليين، إن أغلب الناس يعيشون الحالة السلبية من صراع العاملين والمجاهدين من أجل أهداف الأمة، بل وحتى يعيشون السلبية من قضاياهم الاستراتيجية، ومن أهم أسباب هذه المواقف السلبية التي تتبناها فئة كبيرة من المجتمعات جهلها بتاريخها، وبتاريخ الرساليين الذين كانوا يجاهدون من أجل الحرية والكرامة، وحينما نراجع التاريخ وما فيه من دروس وعبر نصبح أكثر صلابة على مواجهة التحديات التي تواجهنا.


[1] سورة المنافقون، 4
[2] التاريخ الإسلامي دروس وعبر، السيد المدرسي
[3] التاريخ الإسلامي دروس وعبر، السيد المدرسي، بتصرف منا
[4] التاريخ الإسلامي دروس وعبر، السيد المدرسي
[5] نقلاً عن التاريخ الإسلامي دروس وعبر، السيد المدرسي







            (ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
            ( |  ~ {قرووب  البصيرة  الرسالية)  .  .  (للأخبار  والمواضيـع  الرسالية} ~  | )
             )|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــ |(
            (
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )


لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:

http://groups.google.com/group/albaseera


ملحق ذا فائدة:

* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5902&post=19686&uid=36375794025#/group.php?gid=36375794025

* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب
على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/user/nwrass2009

*
لمشاهدة قناة العلامة النمر على الشيعة تيوب على هذا الرابط:
http://www.shiatube.net/NWRASS2009

* لتنزيل إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر والذي يحوي 1902 محاضرة:

http://www.4shared.com/dir/10157159/d7de52b5/sharing.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق