بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المؤمنون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نهنئكم وجميع أبناء الأمة الإسلامية، بل البشرية جمعاء بمناسبة الذكرى العطرة لميلاد رسول رب العالمين محمد بن عبد الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
فقد كان النبي الأعظم رحمة للعالمين، وعلينا نحن المؤمنين أن ننهل من معين نبعه الصافي، ونبني حياتنا حرّةً كريمةً ساميةً بإتباع نهجه القويم ورسالته المشرقة وتعاليمه القيّمة في كل خطوةٍ خطوةٍ من مسيرتنا في هذه الدنيا، أملاً في أن يحشرنا الله تعالى مع سيد الكائنات في يوم الجزاء.
بهذه المناسبة الكريمة نقدم للأخوة المؤمنين كلمة رائعة من كلمات المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله) مقتَبَساً من (كتاب النبي محمد قدوة المؤمنين).
مكتب المرجع الديني آية الله العظمى المدرسي
» مولد النور «
كـان الظلام سائداً على العالم، وكانت الأصنام تعبد جهراً بفعل الانحرافات الجاهلية، وكانت البشرية غارقة في الضلالة، وقوى الاستكبار هي سيدة الموقف في كافة أنحاء الأرض، والمستضعفـون يرزحـون تحت نير السلطـات الطـاغية، والأقوياء والأغنياء يفرضـون منطـق القـوة، وشريعـة الغاب في كل مكـان.
الإمبراطورية الرومانية كانت تعتنق المسيحية ظاهراً، والطبقية كانت قد بلغت أوجها.
أما الإمبراطورية الفارسية فقد كانت تعج هي الأخرى بالعنصرية والطبقية، وجماهير الفلاحين والمهنيين ترزح تحت نير الضرائب المتصاعدة.
وفي الجزيرة العربية كان شعار الناس الخوف، ودثارهم السيف، وحياتهم مليئة بالتعاسة والمآسي .
بداية عصر جديد :
وإزاء هذه الأوضاع أبت رحمة اللـه - عز وجل - إلا أن تبعث للبشرية منقذاً وهادياً، وبشيراً، وسراجاً منيراً، فولد الرسول محمد بن عبد اللـه (صلى اللـه عليه وآله) بعد خمسة وخمسين يوماً من واقعة الفيل الشهيرة حيث كانت هذه الواقعة إرهاصاً وإيذاناً بانتهاء عصر، وبداية عصر جديد، فقد بعث اللـه - سبحانه - طيرا أبابيل على جيش أبرهة فقتلهم ودمرهم وأهلكهم عن بكرة أبيهم بعد أن تجبروا، وحاولوا الاعتداء على بيت اللـه الحرام . فهاهو الغيب يدخل طرفاً رئيسياً في معركة الخير والشر، والحق والباطل، ويدعـم الحق بقوته . وهاهو الإرهاص بطلوع فجر جديد لان اللـه - عز وجل - خلق الناس ليرحمهم لا ليعذبهم، وقد أبى أن يستمر المستضعفون والفقراء والبؤساء في وضع كهذا الوضع، فبعث رسوله خيراً عميماً ورحمة للعالمين .
وعند ولادة سيد الخلق (صلى اللـه عليه وآله) كانت هناك إرهاصات عديدة أخرى في الأرض ؛ فقد غاضت بحيرة ساوة، وفاضت بحيرة السماوة، وزلزل إيوان كسرى وسقطت منه أربعة عشر شرفة، وخمدت نيران المجـوس ولم تخمد قبل ذلك ألف سنـة.
وشهـد العالم حوادث أخرى غريبة لم يكن يعهدها من قبل إيذاناً بأن اللـه - عز وجل - شاء أن ينقذ البشرية، فوضعت آمنة ذلك الوليد الذي عمت بركته البشرية على امتداد التأريخ .
دروس الميلاد :
وهنا يتبادر إلى الأذهان السؤال التالي : إننا اليوم نعيش في ظروف شبيهة في أبعاد مختلفة للجاهلية التي كانت سائدة قبل الإسلام، فنحن نشهد الآن الجاهلية المادية الطاغية وهي تسعى اليـوم لتعـم بضلالتها وظلامها الأرض، فكيف ننتفع ونستلهم العبر والدروس من ذكرى مولد الرسول الأعظم (صلى اللـه عليه وآله) ؟
إن البعض يعتقد - للأسف الشديد - إننا لا نستطيع أن ننتفع بشخصية النبي (صلى اللـه عليه وآله) مادام غائبا عنا، وهذا التصور يتضمن خطأ فظيعا، فان يكن الرسول غائبا عنا فان الكتاب الذي أوحى إلى قلبه الشريف ما يزال باقيا، كما أن سيرته الوضاءة ما تزال بين أيدينا، وسنحاول فيما يلي الإجابة على السؤال السابق عبر طرح النقاط والملاحظات التالية :
استفادة ممكنة :
1- إن الاستفادة من شخصية الرسول (صلى اللـه عليه وآله) ممكنة من خلال دراسة سيرته، فمن المعلوم أن رسالته (صلى اللـه عليه وآله) كانت أول رسالة كتبت، لان الكتابة في عهده كانت منتشرة، وكان (صلى اللـه عليه وآله) بدوره يؤكد عليها، وهكذا بقيت سيرته العطرة ذخرا لنا، فالرسالات السماوية السابقة لم تكتب بتفاصيلها كما كتبت رسالة نبينا الأعظم (صلى اللـه عليه وآله )، وعلى سبيل المثال فقد روى لنا التأريخ تفاصيل وجزئيات كاملة عن حياة النبي (صلى اللـه عليه وآله) ؛ كيف كان ينام، وكيف كان ينهض، وكيف كان يأكل ويشرب ويمشي، وأسلوب تعامله مع أهله، وأصحابه، ... كل هذه التفاصيل وغيرها مثبتة في كتب السيرة بوضوح إلى درجة أن هذه الكتب ذكرت لطريقة شرب النبي (صلى اللـه عليه وآله) للماء ثلاثين إرباً !
ومــن جهــة أخـرى فان القرآن الكريم يقول في هذا المجال : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب / 21)، والأسوة تعني أن نستلهم الدروس والعبر من سيرته وكأنه (صلى اللـه عليه وآله) يقودنا بالفعل ويعيش بين ظهرانينا، فعلينا أن نجسده في أذهاننا، ولو أننا استلهمنا من سيرته العطرة كل التفاصيل وربطناها ببعضها لجسدنا سيرته، وحينئذ نستطيع أن نتساءل عندما نواجه أي سؤال محير أو موقف صعب، كيف كان يتصرف الرسول (صلى اللـه عليه وآله) في مثل هذه المواقف ؟ كيف كان - مثلاً - يقود الحرب (علماً أننا بحاجة إلى سيرته في الحرب لأننا في حالة جهاد) ؟ وكيف كان (صلى اللـه عليه وآله) يقود الأمة في حياته، وبأي خلق كان يتفاعل مع المجتمع، وكيف أدار ذلك المجتمع الجاهلي الغارق في الغفلة، والعداوات، والصـراع ؟
إن على كل فرد منا، وعلى المجتمع كله دراسة سيرة النبي (صلى اللـه عليه وآله) بشكل معمق، وحفظ هذه السيرة ومحاولة إتباعه (صلى اللـه عليه وآله) فيها، وحينئذ ستكون سيرته هذه رحمة لنا كما كان وجوده رحمة لمن كان حوله.
رمز وحدة الأمة :
2- إن الرســول (صلى اللـه عليه وآله) يمثل راية واحــدة توحد الأمة، فجميع الخطوط تنتهي إلى شخصيته (صلى اللـه عليه وآله )، ونحن لو اتخذنا منه منطلقا للوحدة والتوحيد وتركيز الجهود، ولو اتخذنا منه (صلى اللـه عليه وآله) حبلا نعتصم به لأصبحنا امة قوية مقتدرة لا يمكن أن تنال منها مؤامرات الأعداء .
وعندمـا يقول اللـه سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً} (آل عمران / 103 )، فانه يؤكد في آية سابقة على أن حبل اللـه يتمثل في اثنيـن ؛ الرسول (صلى اللـه عليه وآله )، والرسالة أي القرآن الكريم، فالاعتصام بحبل اللـه - عز وجل - يعني توحيد الصفوف تحت راية النبي (صلى اللـه عليه وآله )، وهذا مطلب يمكن تحقيقه لان الرسول (صلى اللـه عليه وآله) حاكم فيما بيننا، والاحتكام إلى منهجه وتعاليمه يعد من الفرائض التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله :
{ فَــلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُــمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً } (النساء / 65) .
فالتسليـم لمنهج النبي (صلى اللـه عليه وآله) من شأنه أن يوحدنا، أما أن يعتقد كل فريق بان رسول اللـه (صلى اللـه عليه وآله) ملكه، وينفي انتماء الآخرين إليه، فهذا ما سيولد الشقاق والخلاف الذي جعل المسلمين اليوم معرضين للغزو العسكري، والاقتصادي، والسياسي، والثقافي ...
القرآن الناطق:
3- لاشك أن رسول اللـه (صلى اللـه عليه وآله) متجسد في القرآن الكريم، فقد كان (صلى اللـه عليه وآله) خلقه القرآن، كما وأثنى عليه الخالق - عز وجل - قائلا: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم / 4).
ولا ريب أن كتاب اللـه موجود بين أيدينا، وعلينا الالتصاق أكثر فأكثر بهذا الكتاب العظيم، والاستفهام من آياته الكريمة، والعمل بتعاليمه المقدسة، إحياءً لسيرة رسول اللـه (صلى اللـه عليه وآله)، واستنــزالاً لرحمته التي شملت العالمين بأجمعهم، فقد جاء إليهم بكتــاب هو نـور وهدى، وفيه بصائر وذكر، وفيه تفصيل كل شـيء .
إننا نعيش في كل عـــام ذكرى سعيدة هي ذكرى ولادة النبي (صلى اللـه عليه وآله)، ونحن نهنئ أنفسنا، والعالم الإسلامي، بل البشرية كلها بهذه الذكرى، ونؤكد أن الرسول (صلى اللـه عليه وآله) لم يكن رحمة للمسلمين فقط، بل كان رحمة للعالمين . وعلينا أن نسعى ونبذل الجهود من اجل هداية البشرية كلها بسيرة الرسول (صلى اللـه عليه وآله) الوضاءة . فأين دعوتنا هذه من الناس، ولماذا لا نحمل هذا السراج المنير إلى جميع أرجاء العالم وخصوصا تلك المناطق التي تبحث عن النور، والتي عانت ما عانت من الويلات والمآسي بسبب ضلالها، وابتعادها عن الصراط المستقيم الذي رسمه لها الخالق - عز وجل - ؟
إن الدعوة الآن إلى الرسالة التي سبق وان حملها نبينا الأعظم محمد (صلى اللـه عليه وآله )، والعمل المنظم والدؤوب من أجل نشرها، يمثلان واجبا أساسياً نستلهمه من هذه الذكرى، ومن هذا الحدث الحبيب إلى قلوبنا . فالبشرية اليوم هي أحوج ما تكون إلى من يصحح انحرافاتها، ويهديها إلى سواء السبيل، وينقذها من اسر المذاهب الوضعية التي لم تجر عليها سوى المزيد من الأزمات والمشاكل في مختلف الأصعدة.
(ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
)|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
( | ~ {قرووب البصيرة الرسالية) . . (للأخبار والمواضيـع الرسالية} ~ | )
)|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
(ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )
لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:
http://groups.google.com/group/albaseera
ملحق ذا فائدة:
* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5902&post=19686&uid=36375794025#/group.php?gid=36375794025
* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/user/nwrass2009
* لمشاهدة قناة العلامة النمر على الشيعة تيوب على هذا الرابط:
http://www.shiatube.net/NWRASS2009
* لتنزيل إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر والذي يحوي 1902 محاضرة:
http://www.4shared.com/dir/10157159/d7de52b5/sharing.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق