وطني مفقود.. يازين العابدين الركابي!
- منذ متى توفي أبوك؟- عندما كان عمري سنتين.
- هل تتذكره، تحمل في ذاكرتك شيئاً من اللحظات معه؟
- لا. لا أتذكر شيئاً.
- إذن أنت لا تعرف معنىً للأبوة؟
- نعم، لا أعرف.
بهذا انتهى حديثي مع صديقي علي، اليتيم الذي رحل أبوه عنه وهو ذو العامين، حزنت كثيراً على إحساس صديقي المخدوش، فجعبة مشاعره لا يوجد بينها للأبوة محل ومعنى.
استذكرت بعدها أن علياً ليس الوحيد الذي يعيش فقدان المشاعر، أتذكر في المدرسة كم طالبونا بالتعبير عما لا نحس ولا نشعر، في امتحان التعبير النهائي في المرحلة المتوسطة، سألني أستاذي التونسي ساخراً:
- عن ماذا تكتب؟
- عن الربيع!!
- وهل عندكم ربيع!؟
- لا.
- إذن كيف تكتب عن ما لا تعرف؟؟
- لا أدري، ولكني أكتب من أجل اجتياز الامتحان!!!
أكملت الكتابة وأنا أكذب على نفسي، بوصف الزهور والرياحين، والهواء العليل والأشجار الباسقة، وأشعة الشمس الذهبية التي تملأنا حيوية ونشاطاً.
لكن المشكلة لا تنتهي عند علي وفقدان الإحساس، فكلنا يعاني اليتم، هو يعاني يتم أبوة، ونحن نعاني يتم وطن، الوطن الذي طالما كذبنا على أنفسنا بالتعبير عنه والتغني به وادعاء محبته، لا لأننا لا نريده بل لأنه لا يريدنا! وطن يلاحق أبنائه بالسجن والتضييق والاعتقال العشوائي وقسرهم على التوقيع على تهم لم تقترف! وطن لم يراعي صياح الأمهات الثكلى على أبنائهن المعتقلين ظلماً، في عرف الجرائم يطلق سراح الرهائن المرضي و والنساء ومن هم تحت دائرة الإشفاق الإنساني، وفي عرفنا لا يكترث بدموع زوجة ذابت مهجتها حزناً على زوجها الذي لم يكمل معها أسبوعاً من شهر عسل؟! دعوني أنقل لكم مشهداً آخر من اعتقال عشوائي:
خرج من بيت العائلة الكبير متجهاً نحو السيارة، كان الجو مشحوناً ومتوتراً بسبب دوريات الأمن الجائلة بسرعة كبيرة وبأعداد كثيرة في الأزقة الضيقة، ركب السيارة متجهاً نحو المنزل، وإذا بدورية الأمن من ورائه تطالبه بالوقوف، أوقف سيارته ونزل ليستطلع الأمر، وإذا به يفاجأ بتطويق الموقع بعدد غير قليل من سيارات الشرطة المحملة بالعسكر، سأله العسكري بغضب:
- أنت ابن الجارودي؟
- لا.. أنا فلان، لست ابن الجارودي.
- العسكري بغضب أكثر: جيبوووووووووووووووووه!!
وطن يُلفق لمواطنيه التهم بأنهم في البقيع مفسدون في الأرض كاشفو حرمة القبور، وفي ديارهم معتدون على المرافق العامة بتخريبهم مرافق الدولة المزودة للتيار الكهربائي.
من أردى المواقف الإنسانية حينما يجبر الإنسان بأن يمارس البلاهة على نفسه ويصدق الكذبة التي مارسها آخرون عليه، أو مارسها هو على نفسها كحقيقة لا تشوبها شائبة. كذبوا علينا وكذب علينا معهم آخرون حينما أخبرونا بأن الانتخابات البلدية هي "بداية المشاركة الشعبية".. ها نحن انتخبنا ولم نر بعد عديد من السنين أي مشاركة!
يحدثنا زين العابدين الركابي بأسلوبه الأخاذ المحكم في كتابه "مفهوم الوطنية – الوطن المجتبى منذ 15 بليون سنة / من أجل تربية وطنية متكاملة وفاعلة وراقية" عن وطن جميل يقول في نهاية مقدمته:
"إن هذا الوطن كبير.. كبير.. وليس من صدق الوطنية، ولا علو الهمة، ولا نبل الخلق: أن نكون أصغر منه: بالمفهوم الخاطئ للوطنية، وبالتقصير في النهوض بواجباته ومسؤولياته، وبطغيان نزعة الأخذ على نزعة العطاء، وبالدعوى التي لا يثبتها دليل، وباستخفاف وزنه أمام أوزان الآخرين"
تريدنا أن ننزع بالعطاء في وطن مفقود، فهل أرجعت لنا معتقلينا أولاً يا زين العابدين
(ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)
)|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
( | ~ {قرووب البصيرة الرسالية) . . (للأخبار والمواضيـع الرسالية} ~ | )
)|ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |(
(ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )
لمشاهدة والانضمام إلى قروب البصيرة الرسالية في الجيميل:
http://groups.google.com/group/albaseera
ملحق ذا فائدة:
* قروب "محبي الشيخ المجاهد نمر النمر" على الفيس بوك:
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5902&post=19686&uid=36375794025#/group.php?gid=36375794025
* لمشاهدة قناة العلامة النمر على اليوتيوب على هذا الرابط::
http://www.youtube.com/user/nwrass2009
* لمشاهدة قناة العلامة النمر على الشيعة تيوب على هذا الرابط:
http://www.shiatube.net/NWRASS2009
* لتنزيل إصدار القبس الرسالي لسماحة الشيخ نمر والذي يحوي 1902 محاضرة:
http://www.4shared.com/dir/10157159/d7de52b5/sharing.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق